سقوط الفاشر وجرائم حقوق الإنسان في السودان
أعربت الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان بالشراكة مع منظمتيها العضويتين في السودان «المرصد السوداني لحقوق الإنسان والمركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام» وغيرها من المنظمات الحقوقية عن قلقها العميق إزاء سقوط مدينة الفاشر بيد قوات الدعم السريع. ويعتبر هذا الحادث بمثابة تصعيد كارثي جديد للنزاع الدائر في السودان، حيث أن الحصار الذي استمر لثمانية عشر شهرًا ترك الملايين من المدنيين في ظروف إنسانية بالغة السوء.
الفظائع والانتهاكات في الفاشر
شهدت الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، حصارًا عنيفًا من قبل قوات الدعم السريع منذ مايو 2024، مما أدى إلى قطع المساعدات الإنسانية بشكل تام لأكثر من عام، حيث حُرم نحو 260,000 مدني من المواد الغذائية والرعاية الصحية. وقد ارتفعت أسعار السلع الأساسية إلى مستويات قياسية مقارنة ببقية المناطق في السودان.
وفي بيانها، ذكرت المنظمات أن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية وثق مقتل نحو 1,850 مدنيًا في شمال دارفور منذ بداية عام 2025، بينهم نحو 1,350 في الفاشر وحدها. ويعكس هذا الرقم حقيقة أن الأرقام الفعلية قد تكون أعلى بكثير نتيجة انقطاع الاتصالات وصعوبة الوصول إلى المناطق المتضررة. كما شهدت المدينة ستة هجمات خلال شهر واحد أودت بحياة 115 مدنيًا، بينهم أطفال.
تتواصل الانتهاكات بشكل واسع من قبل قوات الدعم السريع منذ السيطرة على الفاشر، بما في ذلك عمليات قتل جماعي واعتقالات عشوائية للعائلات الفارة للنجاة بأرواحهم. وقد ظهرت أدلة تدعم ارتكاب الجرائم من خلال تحليل صور الأقمار الصناعية، مما يشير إلى وجود جثث في المناطق التي تتواجد فيها قوات الدعم.
كما قامت هذه القوات بنشر مقاطع مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي توثق جرائمهم بشكل واضح، مما يدل على تجاهلهم التام للقانون الدولي. ومع تزايد هذه الانتهاكات، شددت المنظمات على ضرورة وقف الحملة الوحشية على المدنيين، ودعت المجتمع الدولي للتحرك بشكل عاجل.
لقد أدى النزاع المستمر في السودان إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث قُتل أكثر من 150,000 شخص ونزح أكثر من 14 مليون، مع تفشي الجوع في مختلف المناطق. وأكد المدير التنفيذي للمركز الأفريقي أن ما يحدث في الفاشر يتطلب تدخلًا حاسمًا من قبل المجتمع الدولي لمنع المزيد من الجرائم.
واتفقت المنظمات على ضرورة اتخاذ خطوات ملموسة لمعالجة الأوضاع المتدهورة، بما في ذلك الضغط على جميع أطراف النزاع لوقف القتال وتأمين سلامة المدنيين وتوفير المساعدات الإنسانية. فنا هنا، لا يتحمل شعب السودان المزيد من التأخير أو الحلول المؤقتة، حيث تتطلب الأوضاع استجابة دولية فورية لحماية المدنيين وضمان المساءلة عن الجرائم.”[6]

تعليقات