الانتخابات البرلمانية في العراق
في 11 تشرين الثاني 2025، يستعد العراق لإجراء الانتخابات البرلمانية في لحظة حاسمة على صعيد الدولة والمجتمع. تأتي هذه الانتخابات في ظل تحديات جسيمة مثل ضعف الثقة الشعبية في النتائج، واستياء المواطنين من تكرار الوجوه السياسية، وتمازج التحالفات بين النخب. في هذا السياق، قدم عضو اللجنة القانونية النيابية مرتضى الساعدي تحليلاً لتفاوت المشاركة الانتخابية بين المكونات العراقية، حيث يتوقع ارتفاعاً نسبياً في المناطق الشيعية بسبب “المتغيرات الإيجابية” التي بدأت تلوح في الأفق.
التوجهات السياسية
قال الساعدي لـ”بغداد اليوم”: “ستختلف نسبة مشاركة المكونات العراقية الرئيسية وفقاً للرؤى الحالية، حيث تشير المؤشرات إلى أن المشاركة ستكون مرتفعة في المناطق الغربية ذات الأغلبية السنية، وأيضاً في المناطق الشمالية التي تهيمن عليها الكرد.” وأضاف: “الوضع في المناطق الشيعية يختلف ولكن هناك مؤشرات إيجابية تنبئ بزيادة المشاركة، مثلاً رسائل المرجعية والنخب السياسية لدعوة المواطنين للمشاركة.” هنا، يسعى الساعدي لتسليط الضوء على ما يمكن وصفه بـ”التفاوت بين المكونات”، حيث قد تشهد المناطق السنية والكردية مشاركة أكبر، ربما بسبب الحماسة المحلية أو الرغبة في الحصول على تمثيل أفضل، بينما تستمر المناطق الشيعية في التعاطي بطرق متنوعة على الرغم من وجود إشارات تفاؤل.
لم تعد النتائج فقط هي المعيار، بل أصبحت نسبة المشاركة مؤشراً أساسياً لوضع النظام السياسي والمجتمع. وفي بيان من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، أُعلن أن أكثر من 21 مليون ناخب يحق لهم التصويت، مع وجود حوالي 7,754 مرشحاً يتنافسون على 320 مقعداً. يبقى الاشتراك الشعبي في الانتخابات محور تساؤل حول مدى حضور المواطنين في هذا الاستحقاق، خصوصاً مع المخاوف المتعلقة بتأثير ضعف المشاركة على شرعية العملية الانتخابية.
ينطلق تحليل الساعدي من نقطتين رئيسيتين: أولاً، تأثير دعوات المرجعية والنخب التي بدأ يظهر أثرها في توجيه الرأي العام نحو صناديق الاقتراع، مما قد يحفز المشاركة في المناطق الشيعية التي كانت متخوّفة أو ممتنعة، خصوصاً بعد فترات الاحتجاجات. ثانياً، التغيرات المحلية والإقليمية التي أسفرت عن تخصيص عدد كبير من المرشحين، وزيادة وجوه جديدة من الطبقة الاقتصادية والسياسية، مما قد يعزز النشاط المحلي والاقتصادي. كما أن النظام الانتخابي الجديد قد يقدم صورة أكثر تنظيمًا وفاعلية.
إذا كانت الانتخابات تشير إلى لحظة محورية، فإن نسب المشاركة تظل عنصرًا أساسياً في معادلة الشرعية والدينامية الاجتماعية. وفقاً لتصريحات الساعدي، هناك احتمال بأن تكون المناطق الشيعية أكثر تقبلا للمشاركة، ما قد يتجاوز النسب السابقة في انتخابات مجالس المحافظات. لكن هذا التفاؤل مرهون بما يمكن أن يحدث خلال الأسابيع القليلة المقبلة. يوم 11 تشرين الثاني سيُعتبر نقطة فارقة لتحديد نسب المشاركة النهائية. تبقى التحذيرات من استمرار الشعور بالإحباط الشعبي والامتناع عن المشاركة قائمة، مما قد يؤثر على نتائج الانتخابات.
الأمر الواضح هو أن تحقيق زيادة في نسبة المشاركة في المناطق الشيعية لن يكون مجرد رقم بل يمثل خطوة مهمة تجاه تعزيز آلية المشاركة من قِبل مكونات كانت أقل حماسة في السابق، مما قد يؤدي إلى تمثيل أكثر فعالية. بالتالي، يعتمد النجاح على مدى إقبال المواطنين على صناديق الاقتراع وكيفية توزيع المشاركة بين المكونات، مما يجعل قراءة الساعدي أساسًا لفهم مجريات الانتخابات قبل أسبوعين من انطلاقها.

تعليقات