اكتشف باحثون من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) أن البحر الأحمر شهد حالة من الجفاف الكبير قبل حوالي 6 ملايين سنة، تلاها فيضان كارثي من المحيط الهندي أعاد ملأه فجأة. الدراسة التي نُشرت في دورية “كومينيكيشنز إيرث آند إينفيرومنت” توفر دلائل واضحة على حدث جفاف أثر بشكل كبير على معالم البحر الأحمر، والذي يعد أحد أكثر الأحداث البيئية تطرفاً على وجه الأرض.
جفاف البحر الأحمر
في تصريح خاص للجزيرة نت، أوضحت الدكتورة تيهانا بينسا، الباحثة في قسم العلوم والهندسة الفيزيائية بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، أن “التصوير الزلزالي ساعد في كشف سطح عاكس يمتد عبر حوض البحر الأحمر بالكامل”. وأضافت أن هذا السطح يخترق طبقات من الملح والأنهيدريت التي تعود لعصر الميوسين، مما يشير إلى تعرض قاع البحر للتآكل سابقاً، مما يدل أيضاً على جفافه التام.
مظاهر ندرة المياه
الدكتور عبد القادر عفيفي، أستاذ هندسة وعلوم أنظمة الأرض في جامعة الملك عبد الله، ذكر أن غياب التوافق الزاوي في البيانات الزلزالية يدل على أن قاع البحر الأحمر كان متأثراً بالتآكل في ظروف جافة. وقد أشار الباحثون إلى أن الجفاف يرتبط بداية بأزمة الملوحة الميسينية في البحر الأبيض المتوسط، حيث جف البحر الأبيض المتوسط تقريباً وأصبح صحراء مالحة.
كان البحر الأحمر متصلاً بالبحر الأبيض المتوسط عبر حاجز ضحل، ومع انقطاع هذا الاتصال، تحول البحر الأحمر إلى منطقة قاحلة. كما أظهرت الأدلة الحيوانية انتقال الأنواع من البحر الأبيض المتوسط إلى أصول المحيط الهندي بعد عمليات التغير. بعد ذلك، حدث فيضان مائي من خليج عدن اجتاز الحواجز البركانية، مما أدى إلى تشكيل وادٍ تحت الماء بطول 320 كيلومتراً.
تعتبر الأبحاث عن البحر الأحمر محور اهتمام في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية بسبب موقعها الاستراتيجي على ساحل البحر الأحمر ودورها الريادي في البحوث البحرية. وقد ثبُت أن هذا التحول كان سريعاً نسبيًا، حيث استغرق أقل من مئة ألف سنة، الأمر الذي يعكس الطبيعة الديناميكية للأحداث الجيولوجية في ذلك الوقت.
تاريخ البحر الأحمر يعود إلى انفصال الصفيحة العربية عن الصفيحة الأفريقية قبل نحو 30 مليون سنة، حيث بدأ كواد ضيق ثم اتسع ليصبح خليجاً مع غمره بمياه البحر الأبيض المتوسط. يمثل البحر الأحمر مثالاً على كيفية نشوء المحيطات وتفاعل المناخ مع الحركات التكتونية. تضيف هذه الدراسة بعداً جديداً لفهم كيفية تغير البحار والمحيطات، وتسلط الضوء على استعادة النظام البيئي بعد الظروف البيئية القاسية التي عاشتها المنطقة.

تعليقات