قضية المفقودين في العراق
بغداد تواجه تحديات جسيمة مع اقتراب عام 2026، خاصة فيما يتعلق بقضية المفقودين. بعد مرور عقد من انتهاء الحرب ضد تنظيم داعش، يبقى الآلاف من المواطنين في حالة غموض، حيث لا توجد أي معلومات حول مصيرهم في السجلات الرسمية أو داخل المحاكم. هذه القضية تأخذ أبعاداً جديدة، حيث يتم اعتبارها اختباراً لمدى التزام الدولة بالقوانين الدولية، مع اقتراب موعد المراجعة الأممية المهمة في مارس المقبل أمام لجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري (CED).
فقدان الأشخاص في العراق
تشير تقديرات المنظمات الدولية، مثل اللجنة الدولية للمفقودين، إلى أن عدد الأشخاص المفقودين في العراق قد يصل إلى مليون شخص، وهي حصيلة تشمل فترات متعددة منذ حروب الثمانينيات وحتى الأحداث التي وقعت بعد 2014. وهي أرقام تتفاوت في دقتها، لكن جميعها تعكس الفجوة الكبيرة بين حجم الكارثة وقلة التحقيقات المتاحة. وفي حالة الصقلاوية بمحافظة الأنبار، اختفى 643 شخصًا بشكل مؤكد خلال العمليات العسكرية لاستعادة الفلوجة، مما جعلها واحدة من أبرز الأمثلة على هذه المأساة.
في السياق السياسي، بدأت بعض التحولات في الخطاب الرسمي حول معاناة المفقودين، حيث أقر بعض المسؤولين بأن هؤلاء الأشخاص ليسوا فقط في حالة فقدان، بل قد يكونوا ضحايا لعمليات اغتيالات. مع ذلك، فإن الدولة لم تقدم بعد أي خطوات ملموسة لحل هذه القضية، مما يزيد من الضغط الدولي عليها. وقد عقدت لجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري جلسة مراجعة في مارس 2026 لمناقشة مدى التزام العراق بالاتفاقيات الدولية ذات الصلة.
على الرغم من التحديات الكبيرة، تواصل الحكومة العراقية جهودها في معالجة هذا الملف الشائك، حيث تسعى إلى تقديم تقارير دقيقة ومتسقة حول حالات الاختفاء وتيسير التعاون بين الحكومة المحلية والإقليمية. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو إثبات القدرة على الانتقال من المسؤوليات القانونية إلى خطوات عملية تُرضي المجتمع المحلي والدولي. إذ إن على بغداد اتخاذ خطوات حقيقية قبل الموعد المحدد، وإلا ستواجه تداعيات سلبية على مستوى العلاقات الدولية وقد تُصنَّف ضمن الدول التي لم تفِ بالتزاماتها.
بينما يعكف الكثير من الأشخاص على استذكار ذويهم المفقودين، تبقى الآمال معلقة على تعزيز الجهود المتعلقة بالتحقيقات والمساءلة. تلك التحركات قد تكون بداية حقيقية لتسليط الضوء على قضايا اختفاء الأشخاص في العراق وتحقيق العدالة للضحايا وعائلاتهم. توفر هذه القضية فرصة هامة للحكومة لإثبات التزامها بتحسين معاملة مواطنيها والعمل نحو مستقبل أفضل للعدالة وحقوق الإنسان.

تعليقات