أمين ‘البحوث الإسلامية’ من الجامع الأزهر: السلام ضرورة وجودية لا بد منها

السلام ضرورة وجودية

كتب: محمود مصطفى أبو طالب

02:48 م24/10/2025

أكّد الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، خلال خطبة الجمعة التي ألقاها في الجامع الأزهر، بعنوان “السلام ضرورة وجودية”، أن السلام هو سنة كونية، ومن يبتعد عنها يبتعد عن جوهر الحياة. وشدّد على أن الحروب لا تترك سوى الدمار والخراب، متسائلاً عن الآثار المترتبة على الحروب، وهي في معظمها دمار وتشريد وانتهاك للحرمات وتجويع للناس.

الأمن والأمان فطرة الإنسان

أشار الجندي إلى أن السلام يعد أساسًا جوهريًا تتدرج منه جميع الرسالات السماوية، وهو قيمة فطرية في طبيعة الإنسان وفي سنن الكون، حيث أن الكون يعمل بنظام دقيق كتنظيم الذرات وحتى المجرات. وأوضح أنه إذا حدث أي اختلال في هذا النظام الطبيعي، فإن الحياة بأسرها تصاب بالفوضى، تمامًا كما يؤدي اختلال الصفائح التكتونية إلى الزلازل.

كما أوضح أن الاستقرار والسلام في الكون مرتبطان بالتوازن وليس بالانتقام، فالسنة الكونية تستوجب تحقق السلام، وأن هذا السلام محوري لبقاء الحياة. وبين الجندي أن السلام في المجتمع يعتمد على ثلاثة أركان رئيسية: أولاً، العفو وكظم الغيظ، مشيرًا إلى حديث النبي محمد ﷺ: “من كظم غيظًا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق”. ثانياً، وحدة الشعور الإنساني، حيث يجب أن يشعر الإنسان بمعاناة الآخرين. وأخيرًا، محبة الخير للآخرين، مستدلاً بما ذكرته السيدة عائشة عن دعاء النبي لها، مما يعكس عميق الروابط الإنسانية والتراحم بين الناس.

وأكدّ الجندي أن السلام ليس مجرد كلمات تُقال، بل هو أسلوب حياة. حتى الجمادات والحيونات كانت تشعر بالأمان بفضل نبي الرحمة. فقد كان يُلقى السلام على الحجر والشجر، كما حصل مع علي رضي الله عنه الذي روى عن حالته. وأضاف أن النبي كان يتفاعل بلطف مع مخلوقات الله ويدعو لمراعاة حقوقهم، وهو ما يُظهر احترامه لكل ما خلقه الله.

كما شدّد الجندي على أن الإيمان الحقيقي يتجلى في تعاطف الناس مع بعضهم البعض، مستدلاً بكلمات النبي محمد ﷺ عندما تطرق لمعاملة الآخرين بلطف. فأي اعتداء على النفس الإنسانية مُحرّم وينبغي أن نتعامل مع بعضنا بروح سلام ومحبة، لأن في ذلك خير للجميع. وأكد في كلامه أن السلام هو الإطار الجامع لاستقرار الكون والبشرية، وأن من التزم به واختاره لم يخرج عن طبيعة فطرته الإنسانية.