تسير المملكة العربية السعودية اليوم بخطوات مدروسة وثابتة نحو مرحلة تنموية غير مسبوقة، حيث تتجاوز المفهوم التقليدي للاقتصاد القائم على النفط إلى نموذج شامل للتنمية المستدامة. تشكل رؤية السعودية 2030 العمود الفقري لهذه المرحلة، التي لا تقتصر على بناء مشروعات عملاقة فقط، بل تمتد أيضًا إلى إعادة تشكيل سوق العمل السعودي ليناسب المعايير العالمية ويستثمر كل طاقة بشرية قادرة على الإسهام في عملية التطوير، وفقًا لما تم الإعلان عنه رسميًا من الجهات المختصة.
طريق جديد نحو انفتاح اقتصادي ومهني
منذ إطلاق رؤية 2030، كانت القيادة السعودية واضحة في رؤيتها: إن التنمية المستدامة تتطلب تنوعًا اقتصاديًا ومصادر متعددة للخبرات والمعرفة، بدلاً من الاعتماد على عنصر واحد فقط. ويأتي القرار بإلغاء توطين بعض المهن كإشارة إلى المرونة الاقتصادية التي تفهم تمامًا متطلبات السوق العالمية وتستجيب بسرعة للتغيرات.
تعتبر المملكة الكفاءات الأجنبية جزءًا أساسيًا من منظومتها التنموية، حيث تشارك في البناء والتطوير ونقل الخبرة إلى الكوادر الوطنية. وتعتبر هذه الخطوة بمثابة إعادة توزيع الفرص بهدف تحقيق المصلحة العامة وضمان استمرار المشروعات العملاقة دون أن تتأثر بنقص الخبرة في بعض التخصصات الدقيقة.
أسباب استراتيجية وراء القرار
تتسارع وتيرة العمل في مشروعات كبرى تساهم في تشكيل ملامح السعودية الجديدة، مثل مشروع نيوم ومشاريع التحول الرقمي والطاقة النظيفة. هذه المشاريع بحاجة إلى خبرات تقنية وهندسية عالمية المستوى لضمان نجاحها. وعلى الرغم من جهود المملكة لتأهيل جيل سعودي مؤهل، فإن بعض التخصصات الدقيقة لا تزال في طور النمو، مما يجعل استقطاب الكفاءات الأجنبية حاجة تنموية ضرورية.
الهدف هو بناء قاعدة معرفية وطنية من خلال التفاعل مع الخبرات الدولية. إذ يساهم التعاون بين الكفاءات السعودية والعالمية في خلق بيئة تعليمية حيوية تعزز من تطوير المهارات وتزيد من خبرات الشباب السعودي في مشاريع ذات طابع دولي.
التكامل بين الكفاءات المحلية والدولية
تعتمد السعودية في سياستها الجديدة على مفهوم “التكامل البنّاء”، الذي يقوم على الشراكة بين العامل السعودي والأجنبي في بيئة عمل واحدة. لم يعد الهدف هو المنافسة بل التعاون لتحسين الأداء والجودة. الكفاءات الأجنبية تنقل خبراتها بينما تستفيد الكفاءات الوطنية وتطور مهاراتها لتصبح قادرة على قيادة المشهد المهني في المملكة.
هذه السياسة تعزز الاستدامة التنموية وتضيف تنوعًا إلى سوق العمل السعودي ما ينعكس إيجابيًا على جودة الأداء والإنتاج في جميع القطاعات.
القطاعات المفتوحة أمام الكفاءات الأجنبية
أعلنت الجهات الرسمية في المملكة عن قائمة بالمهن المسموح بها للعمالة الأجنبية، والتي تشمل أكثر من 13 مجالاً مهنيًا تعتبر ركيزة أساسية في الاقتصاد الوطني. من أبرز هذه المجالات:
- القيادة الإدارية: مثل مديري المبيعات ومديري الحسابات التنفيذية.
- الإدارة المالية: كالمحاسبين التنفيذيين ومساعدي المحاسبة.
- الخدمات اللوجستية وسلسلة الإمداد: تشمل مسؤولي المشتريات وأمناء المستودعات.
- الدعم الإداري: مثل المساعدين الإداريين والسكرتاريين التنفيذيين.
- قطاع المبيعات والتجزئة: ومندوبي المبيعات والعاملين في المنافذ التجارية.
- القطاع الصحي: ويشمل فنيي التمريض والتخصصات الطبية المساندة.
تؤكد هذه السياسة على أهمية التنوع وتعزز بشكل كبير من فرص النجاح لكل من السوق السعودي والكفاءات المحلية والأجنبية.

تعليقات