مجمع الملك سلمان العالمي: رمز التميّز اللغوي
يُعتبر تأسيس مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية خطوة محورية في تطور الثقافة في المملكة العربية السعودية، ويعكس الدور الرائد للبلاد في تعزيز اللغة العربية. منذ بدايته قبل خمس سنوات، تكشف للمجمع أن مهمته تتجاوز مجرد كونه مؤسسة لغوية، بل هو مشروع حضاري طموح يهدف إلى تعزيز اللغة العربية عبر استخدام تقنيات العصر، ورؤية استراتيجية شاملة، ومبادرات تمتد على الصعيدين المحلي والدولي.
المحور الرئيسي للتميّز اللغوي
تم إنشاء المجمع في سبتمبر 2020، خلال فترة يشهد فيها العالم تسارعاً في التحول الرقمي، وتزايد الحاجة إلى استحداث أدوات تعبير تُعزز من استخدام اللغة العربية في مواجهة تحديات العولمة وانتشار اللغات الأجنبية. من هنا، أصبح من الضروري وجود كيان مؤسسي يتولى مسؤولية حماية التراث اللغوي، بالإضافة إلى التجديد والابتكار في وسائل التعبير وغاياته.
تشمل المسارات التي يسير عليها المجمع: السياسات والتخطيط اللغوي، حيث يتم وضع سياسات لغوية وطنية تأخذ بعين الاعتبار واقع المجتمع السعودي وتعزز من استخدام اللغة العربية في مختلف مجالات الحياة. وقد تكللت هذه الجهود بتطوير معايير لعدد كبير من المجالات الفرعية، بالإضافة إلى نشر أكثر من 450 كتاباً ومجلة علمية محكمة.
مسار آخر يتناول الحوسبة اللغوية والذكاء الاصطناعي، حيث تم إنشاء مشاريع رقمية متقدمة مثل منصات معالجة اللغة الطبيعية وأدوات الترجمة الآلية لتحسين وجود اللغة العربية في الفضاء الرقمي.
في مجال الثقافة، يسعى المجمع لتعزيز الوعي باللغة العربية تنظيم فعاليات ثقافية وبرامج تعليمية تهدف إلى تعليم غير الناطقين بها، ويعتمد في ذلك على بناء شراكات مع الجامعات والمراكز التعليمية المحلية والدولية.
على مدار خمس سنوات، أطلق المجمع العديد من المبادرات المتميزة التي أثرت بشكل فعّال على وضع اللغة العربية، بما في ذلك معجم الرياض للغة العربية المعاصرة الذي يُعتبر واحداً من أكبر المعاجم المتخصصة حالياً. كما تم طرح اختبار للمستوى اللغوي، يُستخدم كمعيار لتقييم كفاءة اللغة لدى الأفراد.
أيضًا قاد المجمع مبادرة مؤشرات اللغة العربية لرصد الواقع العالمي لاستخدام هذه اللغة، مما مكن صناع القرار من تخطيط استراتيجي لدعم استخدامها في مختلف المجالات. ونتيجة لذلك، تم تقديم أكثر من 8000 استشارة لغوية لأكثر من 400,000 فرد من دول متعددة.
أحد الأهداف الأساسية للمجمع هو بناء مجتمع لغوي قوي ومتفاعل مع اللغة العربية بشكل يومي. في ضوء ذلك، تم إطلاق حملات توعوية وتنظيم معارض لتعزيز استخدام العربية. بالإضافة إلى ذلك، تم إنشاء جائزة سنوية تُهدي للأفراد والمؤسسات التي قدمت مساهمات بارزة في مجال اللغة.
لا يمثل مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية مجرد مؤسسة لغوية تقليدية، بل هو تجسيد حضاري يجمع بين الأصالة والحداثة، ويعكس طموحات واحتياجات مجتمع يستند إلى لغة غنية وعميقة. ومع كل خطوة ومبادرة، يبين المجمع التزامه الثابت بأن تكون اللغة العربية حية وفاعلة، قادرة على المنافسة والتطور في جميع المناحي.

تعليقات