هل سيفي الموعد الدستوري بوعوده رغم ضغوط العقوبات والانقسامات؟ تأجيل الانتخابات يثير التساؤلات
الانتخابات العراقية والانقسام السياسي
تقترب العراق من استحقاق انتخابي جديد، في ظل تزايد المؤشرات التي تشير إلى انقسام في النخبة السياسية حول توقيت الانتخابات، والنقاشات المتعلقة بتداعيات العقوبات الأمريكية الأخيرة على نتائج الانتخابات. فقد تناولت صحيفة عكاظ السعودية وجود تيار داخل الإطار التنسيقي الذي يدعو إلى تأجيل الانتخابات، إلا أن قياديين في الإطار نفوا هذه التقارير بشكل قاطع، معتبرين أنها تفتقر إلى الدقة، وتهدف إلى تشويه الوحدة التي تحظى بها قوى الإطار في إصرارها على إجراء الانتخابات في موعدها الدستوري.
الجدل والخلافات المحتملة
هذا التباين في الروايات يعكس حالة التوتر الحادة التي تسود الوضع العراقي قبيل الانتخابات، حيث تتقاطع المخاوف الأمنية والضغوط السياسية مع تأثير العقوبات الأمريكية، التي أربكت توازن القوى داخل التحالفات الشيعية. وفي حديث لمحمود الحياني، عضو الإطار التنسيقي، أشار إلى أن الأخبار المتداولة حول وجود فريق يدعو لتأجيل الانتخابات لا أساس لها من الصحة. وأكد على التزام الإطار بتنظيم الانتخابات في موعدها المقرر، وعمل جميع القوى المنضوية فيه على تهيئة الظروف الملائمة لضمان انتخابات نزيهة تعكس إرادة الشعب العراقي.
يؤكد الحياني أن الاحتكام لصناديق الاقتراع هو السبيل لتحقيق الديمقراطية واستقرار النظام السياسي، واعتبر أن النقاش حول التأجيل أو الخلافات الداخلية ليست سوى محاولات لخلق أجواء من عدم الثقة بين المواطنين. هذا الموقف يعبر عن إصرار الإطار على تعزيز مبدأ الاستمرار الانتخابي كوسيلة مشروعة للحكم، خاصة في ظل تزايد الأصوات الداعية للتأجيل، والتي تُعتبر بمثابة مسعى لتجنب أزمة في اعتراف المجتمع الدولي بالنتائج المترتبة على الانتخابات.
التقرير السعودي أسهم في تسليط الضوء على انقسام داخل الإطار التنسيقي إلى فريقين: فريق يدعو لتأجيل الانتخابات خشية التأثير السلبي للعقوبات الأمريكية، وفريق آخر يقوده نوري المالكي وبعض قادة الفصائل المسلحة الذين يرفضون التأجيل، معتبرين أن ذلك سيسبب أزمة في شرعية النظام القائم. وعلى الرغم من انتشار هذه الرواية، لم تؤكد أي جهة محلية صحتها، وقد قوبلت برفض من قيادات سياسية اعتبرتها مبالغة في تحليل المشهد. كما اعتبر مختصون أن ما تم تسميته “انقساماً” لا يتجاوز كونه تباينات تكتيكية في تقدير المخاطر، بينما تتفق القوى الشيعية على أن التأجيل يحمل كلفة سياسية أكبر من الإقدام عليه.
تزامنت هذه المعطيات مع إعلان وزارة الخزانة الأمريكية عن عقوبات جديدة طالت شخصيات عراقية، مما أعاد ملف التأثير الأمريكي على الانتخابات إلى الواجهة، حيث لم تؤثر هذه العقوبات significantly على ميزان القوى داخل الإطار، بل زادت من الحساسية تجاه الخطاب الخارجي. ومن جهة أخرى، تتعامل الكتل السياسية بحذر مع القضية، إدراكًا منها أن أي تصريح متشابك قد يُفسر كتصعيد ضد واشنطن. في خضم هذه الأحداث، ارتفعت حدة العنف السياسي، حيث شهد العراق عدة حوادث اغتيال ومحاولات اغتيال ضد مرشحين، مما يعكس أزمة الثقة العميقة في البيئة الانتخابية.
في هذا السياق، يحاول الإطار التنسيقي تعزيز صورة التزامه بتهيئة الأجواء الانتخابية، حيث إن الشرعية الانتخابية تمثل المعبر لاستمراره السياسي رغم التحديات الحالية. مما لا شك فيه أن موقف الإطار التنسيقي القوي تجاه التقارير السلبية يعكس حرصه على إبقاء السرد السياسي مضبوطةً في مرحلة حرجة، مع الاعتراف بالهشاشة الداخلية في الخطاب الانتخابي، إذ تبقى المخاوف من العقوبات والضغوط الأمنية قائمة وتتطلب معالجة جدية من السلطات لضمان نزاهة العملية الانتخابية.
تعليقات