السعودية تُرفع قيود الاستثمار الأجنبي: إلغاء سقف الـ49% وتوقع تدفقات بقيمة 10.6 مليار دولار

إلغاء سقف الملكية الأجنبية في السوق المالية السعودية

أعلنت السوق المالية السعودية عن قرار تاريخي يقضي بإلغاء سقف الـ49% لملكية المستثمرين الأجانب في الشركات المدرجة، مما يفتح الطريق أمام تملك أجنبي بنسبة 100% للمرة الأولى في تاريخ المملكة. يُعتبر هذا القرار جزءًا من استراتيجية طموحة تهدف إلى تحويل المملكة إلى مركز مالي إقليمي، ويشير محللون من جيه بي مورجان تشيس إلى أنه قد يسهم في جذب استثمارات أجنبية تصل قيمتها إلى 10.6 مليار دولار.

أكد محمد القويز، رئيس مجلس هيئة السوق المالية، أن مراجعة ملكية المستثمرين الأجانب تمثل الخطوة التالية في خطة تطوير السوق بعد إلغاء نظام المستثمر الأجنبي المؤهل. وبيّن القويز أن الحدود الحالية المتمثلة في 10% للمستثمر الواحد و49% كإجمالي نسبة الملكية الأجنبية تُعتبر “البقايا الأخيرة من القيود على المستثمرين الدوليين”.

تحرير سوق الاستثمار السعودي

يأتي هذا الإعلان في سياق إنجاز اقتصادي ملحوظ، حيث تصدرت المملكة دول مجلس التعاون الخليجي في جذب الاستثمارات الأجنبية بصافي مشتريات بلغ 2.8 مليار دولار خلال الربع الثالث من 2025. يعكس هذا الأداء تفاؤل المستثمرين الدوليين في السوق السعودي، حيث حققت المملكة تفوقًا كبيرًا مقارنة بسوق أبوظبي الذي سجل 798.7 مليون دولار ودبي المالي بـ614.9 مليون دولار.

تزامنت هذه التطورات مع إطلاق السعودية لأول منصة إلكترونية لتداول السندات المقومة بالريال السعودي، بمشاركة شركات استثمارية عالمية مثل بلاك روك وجولدمان ساكس وبي إن بي باريبا. تهدف هذه الخطوة إلى توسيع قاعدة المستثمرين الدوليين وتلبية الاحتياجات التمويلية المتزايدة لمشاريع رؤية 2030.

وفقًا لبيانات مركز كاماكو للأبحاث والدراسات الاستراتيجية، شهدت التدفقات الاستثمارية الأجنبية في دول الخليج نموًا بنحو 35.4% على أساس سنوي، لتصل إلى 11.7 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، مقارنة بـ8.6 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي. وقد حصلت المملكة على الحصة الأكبر من هذه التدفقات المُحكمة، مما يعكس جاذبيتها المتزايدة كمركز استثماري.

أشار القويز إلى تطوير نظام الترخيص الخارجي والصناديق المبسطة، حيث يهدف الأول إلى تمكين الشركات في السعودية من تقديم خدماتها على الصعيد الدولي، بينما تستهدف الصناديق المبسطة المستثمرين المؤسسيين المتطورين، بما يوفر مرونة تنظيمية في إدارة الاستثمارات.

شهدت السوق السعودية نشاطًا كبيرًا في تحركات المستثمرين الأجانب، حيث سجلت خلال جلسة واحدة تغييرات في نسب الملكية الأجنبية في 267 شركة، مع ارتفاع في 104 شركات وانخفاض في 163 شركة. تشير هذه التحركات إلى تقييم مستمر للفرص الاستثمارية من قبل المؤسسات الدولية التي تتابع التطورات الاقتصادية بعناية.

يظهر النمو السريع في صناعة إدارة الأصول بالمملكة بمعدل سنوي يقارب 20% خلال السنوات الخمس الماضية، حيث تجاوز حجم الأصول المدارة 1.2 تريليون ريال. كان تركيز النمو واضحًا في القطاع العقاري، بالإضافة إلى رأس المال الجريء والتمويل الخاص.

تؤكد التغييرات في صناديق التقاعد والاستثمار على التزام المملكة بتطوير الكفاءات المحلية وجذب الخبرات العالمية لإدارة الأصول المتزايدة. هذه الإجراءات تعزز الثقة في قدرة النظام المالي السعودي على التعامل مع تدفقات رؤوس الأموال بشكل فعال، خاصة مع استمرار الإصلاحات التنظيمية التي تهدف إلى تعزيز الشفافية والكفاءة التشغيلية.

يمثل إلغاء سقف الملكية الأجنبية تحولًا جذريًا في استراتيجية السعودية للانتقال من سوق استثماري محلي إلى مركز مالي إقليمي قادر على منافسة الأسواق العالمية. كما يساهم في جذب الشركات الأجنبية لنقل مقارها إلى المملكة، مما يعزز من عمق السوق ويوسع قاعدة الشركات المدرجة في بورصة تداول، وهو ما يتماشى مع أهداف رؤية 2030 لتحقيق تنوع الاقتصاد السعودي وتعزيز مكانة المملكة كمركز اقتصادي عالمي.