الإعلام: رحلة نحو التنوير والتطوير المستمر

تطور المشهد الإعلامي في مصر

تابعت خلال الأيام الأخيرة حدثين بارزين لهما صلة وثيقة بالمشهد الإعلامي، حيث يفصل بينهما خمسون عامًا، ورغم ذلك تحمل كلاهما العديد من الروابط والأفكار المشتركة.

ذكرى تخرج الدفعة الأولى من كلية الإعلام

الحدث الأول هو ذكرى مرور خمسين عامًا على تخرج الدفعة الأولى (1975-2025) من طلاب كلية الإعلام بجامعة القاهرة. واحتفاءً بذلك، أصدرت الكلية كتابًا بعنوان “أبناء من ذهب”، حرّرته أستاذتنا الدكتورة ليلى عبد المجيد، يبرز أسماء خريجي هذه الدفعة الذين سجّلوا أسمائهم كرموز صحفية وإعلامية في مجالات الصحافة والإذاعة والتلفزيون والعلاقات العامة والإعلان. لقد كانوا حاملي راية التثقيف وقادة لرسالة التنوير، سواء في المجال الأكاديمي أو المهني، محليًا أو دوليًا، فمنهم من لا يزال بيننا نتمنى له دوام الصحة والعافية، ومنهم من رحل عنا ندعو له بالرحمة.

أما الحدث الثاني، فهو قرار رئيس الوزراء، بناءً على توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بتشكيل لجنة رئيسية تهدف إلى تطوير الإعلام المصري. تتضمن مهام اللجنة إعداد خارطة طريق شاملة لتطوير الإعلام، عبر تقييم الوضع الراهن والتحديات، وتحديد الجهات والأشخاص المسؤولين عن تنفيذ الاستراتيجيات التطويرية بفاعلية، مستفيدين من الخبرات والكفاءات المتخصصة، لضمان مواكبة الإعلام الوطني للتغيرات العالمية وتمكينه من أداء رسالته بكفاءة.

من المعروف أن الإعلام يُعتبر أحد أبرز مظاهر القوة الناعمة لمصر، وأحد المؤسسات الحيوية التي تسهم في تشكيل القيم وبناء الإنسان. يتمتع الإعلام المصري بتاريخ طويل وتراث غني بدأ مع ظهور الصحافة في أواخر القرن الثامن عشر مع قدوم الحملة الفرنسية عام 1798. وقد صدرت أول صحيفة عربية “الوقائع المصرية” عام 1828، لتتوالى بعدها صدور الصحف الرسمية والشعبية والأهلية، ثم ظهور الإذاعة الرسمية في عام 1934 والتلفزيون في عام 1960، مما ساهم في انتشار المحطات الإذاعية والقنوات التلفزيونية، واكتسابها للتنافس مع المواقع الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي.

يُعتبر العام الحالي هو الذكرى الخامسة والثمانين لبداية دراسة الصحافة والإعلام، عندما أسس معهد التحرير والترجمة والصحافة في جامعة فؤاد الأول في عام 1939، الذي بدأ بشكل فعلي في فبراير 1940. فقد كان للدكتور محمود عزمى دور كبير في نشر فكرة ضرورة تأهيل الصحفيين علميًا ومهنيًا، مشددًا على أهمية الدراسة الأكاديمية في صقل المواهب.

وفي سياق التطورات الإعلامية، دعا الدكتور طه حسين إلى أهمية دراسة الصحافة والسينما والإذاعة. ففي كتابه “مستقبل الثقافة في مصر”، حثّ الدولة على دعم الهيئات المعنية بالقضايا الثقافية، موضحًا أهمية الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام في تنمية المجتمع وتثقيفه.

واستمرت مسيرة تطوير معهد التحرير والترجمة، حيث تحول إلى قسم الصحافة عام 1954، ثم إلى معهد الإعلام في عام 1970-1971، قبل أن يتحول رسميًا إلى كلية الإعلام في عام 1975. وقد أوجد هذا التحول عدة كليات ومعاهد إعلامية في الجامعات الحكومية والخاصة.

في ظل هذه الخلفية، يتواصل الحوار المجتمعي حول تطوير الصحافة والإعلام، مستلهمين من تجارب الماضي، وذلك في مواجهة التحديات الحالية، بهدف تحسين برامج تأهيل الإعلاميين وتعزيز أخلاقيات المهنة وتفعيل مواثيق الشرف الصحفية. Ultimately, we aim to ensure transparency in journalism and to support efforts towards sustainable development, ultimately focusing on the informational needs of the public and educating young generations in media literacy.