تحذيرات أمريكية بشأن إدارة النفط العراقي
تتجدد المخاوف الأمريكية حول مصير النفط في العراق بعد التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي سلطت الضوء على أهمية إدارة الثروة النفطية في البلاد، في سياق جدل متواصل حول الفساد وتراجع التنويع الاقتصادي، مع الاستمرار في الاعتماد على الإيرادات النفطية كمصدر أساسي للموازنة العامة.
مخاوف حول الثروة النفطية
أشار الخبير المالي والاقتصادي صالح رشيد إلى أن تحذيرات ترامب تكشف عن حقائق هامة يجب أن تأخذها بغداد بعين الاعتبار، وهو ما يستوجب وضع استراتيجية وطنية شاملة لاستثمار الثروة النفطية وتعزيز الاقتصاد المحلي. وأوضح رشيد في حديثه أن ترامب صرح بأن العراق يملك كميات ضخمة من النفط، لكنه يحتاج إلى إدارة فعالة، مما يعني أن العراق، رغم احتياطياته الكبيرة وقدرته الإنتاجية العالية، قد اعتمد بصورة كبيرة منذ عام 2003 وحتى الآن على التوظيف الحكومي، حيث تستهلك معظم عائدات النفط كنفقات تشغيلية، فيما يُخصص للجانب الاستثماري حيز ضئيل جداً، مما يساهم في ترسيخ الاقتصاد الريعي غير المتنوع ويجعله عرضة لتقلبات أسعار النفط.
وأضاف أن الفساد المستشرى والنخب المتورطة في نهب المال العام أدت إلى تحويل جزء كبير من الثروة إلى جيوب الأحزاب وأجنحتها الاقتصادية، بدلاً من تعزيز الاقتصاد وتحسين الخدمات. وأكد أن استمرار إدارة الاقتصاد بهذه الطريقة دون استراتيجية وطنية سيعرّض العراق لتحديات جسيمة حال حدوث أي اهتزاز في أسواق النفط، مما يزيد الضغط على الموازنة ويؤثر على تمويل الرواتب والنفقات التشغيلية.
وشدد رشيد على ضرورة أن يتحول النفط من مصدر للنفقات إلى رافعة للتنمية، وأن تكون الأولوية للحكومة المقبلة هي الاستثمار وتحسين الخدمات العامة، وإلا سيتعرض العراق لوضع كارثي. وتصريحات ترامب الأخيرة التي أُدلي بها في قمة شرم الشيخ جاءت بعد سنوات من تصريحاته السابقة التي أثارت الجدل، حيث أعرب في السابق عن رغبة الولايات المتحدة في السيطرة على نفط العراق، لكن لغة الإدارة الأمريكية اليوم أصبحت تركز على اختبار مدى فعالية إدارة العراق لموارده.
في ظل التنافس القائم بين الولايات المتحدة والصين على الحقول النفطية المهمة مثل الرميلة وغرب القرنة، تسعى واشنطن لتعديل استراتيجيتها من خلال “الحوكمة المشروطة”، ربط الاستثمار والدعم بمدى كفاءة العراق في إدارة موارده. ويعتقد المراقبون أن التحذير الأمريكي يتجاوز كونه مجرد قلق بشأن النفط كسلعة، بل يرتبط بقياس النفوذ بين واشنطن وبكين في العراق. وفي خضم نمو الشركات الصينية في الجنوب، تعمل الإدارة الأمريكية على إنشاء قواعد جديدة، حيث تشير إلى أنه من لا يحسن إدارة النفط سوف يواجه العواقب التي حذر منها ترامب.

تعليقات