في مثل هذا اليوم: رحيل شيخ الأزهر الدكتور عبدالحليم محمود 17 أكتوبر 1978

عبدالحليم محمود: مواقف تاريخية في الأزهر

برز الدكتور عبدالحليم محمود كأحد الشخصيات المحورية التي تركت بصمة واضحة خلال فترة قيادته للأزهر، حيث اتخذ مواقف حاسمة تجاه النظام، خاصة في ما يتعلق بقضية جماعة التكفير والهجرة. كان له موقفٌ ملحوظ تجاه المحكمة العسكرية التي تناولت هذه القضية، حيث استعانت بعدد من علماء الأزهر بغية الاطلاع على فكر الجماعة، إلا أنها سرعان ما أصدرت أحكامها دون الرجوع لآراء هؤلاء العلماء، مما أثار غضب الإمام الأكبر. فقد أصدر بيانًا حمل فيه انتقادات للمحكمة، متهمًا إياها بعدم تمكين علماء الأزهر من فهم الظروف التي أدت إلى ظهور هذا الفكر، مقتصرةً على الأحاديث الرسمية فقط.

إسهامات عبدالحليم محمود في الأزهر

وُلد عبدالحليم محمود في 12 مايو 1910 في قرية أبوأحمد بمركز بلبيس في محافظة الشرقية. بدأ مسيرته التعليمية بحفظ القرآن الكريم ثم التحاقه بالأزهر عام 1923، حيث حصل على شهادة العالمية في عام 1932. واصل دراسته في فرنسا على نفقته الخاصة، حيث تمكن من الحصول على الدكتوراه في الفلسفة الإسلامية في عام 1940. بمجرد عودته، تولى منصب مدرس علم النفس بكلية اللغة العربية في جامعة الأزهر، ثم ارتقى إلى منصب عميد كلية أصول الدين، ومن ثم شغل منصب أمين مجمع البحوث الإسلامية، ووكيل الأزهر، ثم وزير الأوقاف، حتى تولى مشيخة الأزهر في 27 مارس 1973.

سرعان ما واجه الإمام عبدالحليم محمود تحديات كبيرة، حيث أصدر السادات قرارًا في 7 يوليو 1974 يقلص من اختصاصات الأزهر ويعطيها صلاحيات محدودة. مما اضطر الإمام للاستقالة، مما أحدث ضجة في الوسط القانوني والسياسي، فتقدمت دعوى ضد السادات ووزير الأوقاف، وكانت هذه الخطوة قائمة على مطالبته بالتراجع عن القرار. أثر ذلك إيجابيًا، حيث تم التراجع عن قرار السادات، لكن قضاياه الصحية لم تمهله طويلاً ليكمل مشواره، إذ توفي الإمام في 17 أكتوبر 1978. لقد شكلت فترة قيادته منعطفًا مهمًا في تاريخ الأزهر، وأسهمت مواقفه النبيلة في تعزيز مكانته كمؤسسة تعليمية ودينية رائدة.