صندوق النقد الدولي يكشف الحقيقة وراء الأوضاع الاقتصادية للسعودية في اليمن

الدعم السعودي وتأثيره على الاقتصاد اليمني

في ظل الأزمات الاقتصادية المتعددة التي يمر بها اليمن بسبب الحرب المستمرة لأكثر من عشرة أعوام، يُعتبر الدعم المالي السعودي الأخير تحولاً كبيراً نحو استقرار الاقتصاد اليمني الذي شهد انهياراً شبه كامل في السنوات الأخيرة.

التأثير الإيجابي للدعم المالي السعودي على الاقتصاد اليمني

كشف صندوق النقد الدولي في تقرير حديث عن تقديم السعودية حزمة تمويلية جديدة تبلغ قيمتها 368 مليون دولار لدعم الموازنة العامة وقطاعات الطاقة والصحة في اليمن. وأشار التقرير إلى أن هذا الدعم أسهم في تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي للبلاد المثقلة بالصراعات، حيث ساعدت المساعدات السعودية على تقليل التدهور الاقتصادي الحاد وتمكين الحكومة اليمنية من تقليص العجز المالي إلى نحو 1.9% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024.

هذا التطور يُعتبر مؤشراً على قدرة الاقتصاد اليمني على الصمود بفضل الدعم الخليجي، خاصةً مع محدودية الموارد وتوقف الأنشطة الاقتصادية.

استئناف العلاقات مع صندوق النقد الدولي

بعد انقطاع دام أحد عشر عاماً، أعلِن عن استئناف مشاورات المادة الرابعة بين صندوق النقد الدولي والحكومة اليمنية. ويُعتبر هذا الاستئناف خطوة مهمة تؤشر إلى عودة التواصل المؤسسي بين الجانبين، مما يعكس إمكانية توفير بيانات اقتصادية دقيقة واستئناف العلاقات المالية الرسمية.

أشاد رئيس مجلس الوزراء اليمني، سالم بن بريك، بهذا التطور واعتبره علامة إيجابية لاستعادة اليمن مكانته في النظام المالي العالمي، مؤكداً التزام الحكومة بمواصلة الإصلاحات المالية والإدارية على الرغم من التحديات.

تحديات اقتصادية وإنسانية لا تزال قائمة

يشير تقرير صندوق النقد الدولي إلى أن اليمن يعاني من أزمة اقتصادية وإنسانية من بين الأسوأ في العالم منذ اندلاع النزاع في 2014. حيث انكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بحوالي 27% في العقد الماضي، وسجل متوسط دخل الفرد انخفاضاً حاداً أثر سلباً على القدرة الشرائية للمواطنين. كما توقفت صادرات النفط، المصدر الرئيسي للإيرادات، نتيجة الهجمات على المنشآت النفطية، ما دفع البلاد للاستيراد، بينما يحتاج أكثر من نصف السكان لمساعدات إنسانية عاجلة.

تحليل الوضع المالي العام

أوضح التقرير أن الإيرادات الحكومية اليمنية انخفضت من 22.5% من الناتج المحلي في 2014 إلى أقل من 12% في 2024، وارتفع الدين العام لأكثر من 100% من الناتج المحلي. وعليه، اتسع عجز الحساب الجاري ليصل إلى 11% في 2024، مما يعكس هشاشة الوضع المالي وصعوبة تمويل الاحتياجات الأساسية دون دعم خارجي.

دور الدعم السعودي في تخفيف الأعباء الاقتصادية

أكد صندوق النقد الدولي أن الدعم السعودي البالغ نحو ملياري دولار خلال عامي 2023 و2024 ساهم في منع المزيد من الانهيار المالي والاقتصادي، مما سمح للحكومة بدفع الرواتب واستمرار الخدمات الأساسية في مجالي الصحة والطاقة. كما أن هذا الدعم عزز من احتياطيات النقد الأجنبي، مما أدى إلى تقليل الضغوط التضخمية.

توقعات النمو المستقبلية

يتوقع صندوق النقد الدولي أن يشهد الاقتصاد اليمني انكماشاً طفيفاً بنسبة 0.5% في عام 2025، ولكن مع بداية التعافي التدريجي في عام 2026. من المتوقع أن يترافق ذلك مع زيادة الصادرات غير النفطية وارتفاع تحويلات المغتربين، مما سيدعم النمو الاقتصادي في السنوات القادمة بشرط الحفاظ على الاستقرار السياسي والإصلاحات اللازمة.

الإصلاحات اللازمة للانطلاق نحو التعافي

لتحقيق الاستقرار المالي، يحتاج اليمن إلى إصلاحات هيكلية شاملة تشمل توحيد السياسات المالية والضرائب، وترشيد الإنفاق، وتعزيز الشفافية في إدارة المال العام. كما يتوجب على البنك المركزي وقف التمويل النقدي لعجز الموازنة واعتماد سعر صرف يتحدد بالقوى السوقية.

يمثل الدعم الأخير من السعودية خطوة مهمة نحو استعادة اليمن لتوازنه الاقتصادي، ومع استمرار الجهود الدولية، تتزايد الآمال في تجاوز اليمن لأزماته تدريجياً نحو مستقبل أكثر استقراراً ونموًا.