تغير السياسة الإقليمية وتأثيرها على لبنان
شهدت منطقة الشرق الأوسط انقلابًا في السياسة إثر الاتفاق القائم حول غزة، حيث ساهمت دول عربية، بدعم من الولايات المتحدة، في إعادة الورقة الفلسطينية إلى حضن الوطن العربي، مما أوقف الحروب وأضعف قبضة النظام الإيراني على هذه القضية. إن التأمل في تداعيات هذا التحول يشير إلى أن لبنان قد يكون التالي على قائمة المتغيرات، خاصة مع استمرار الآثار الناجمة عن حرب الإسناد على أراضيه.
تحولات جذرية في الديناميكيات اللبنانية
فتح الاتفاق الجديد المجال أمام الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب والدول العربية، بقيادة المملكة العربية السعودية، لإطلاق مسار جديد للسلام. ومع استعادة الدول العربية لقرارها في القضية الفلسطينية، تلاشى خطر استخدامها كوسيلة للضغط من قبل إيران، التي لطالما استغلت هذا الملف لأكثر من 40 عامًا. وعندما يتم حل ملف غزة، ستتجه الأنظار نحو لبنان، الذي يحتاج إلى إجراءات حقيقية متابعة لتطبيق قرارات الحكومة السابقة.
لكن يبقى الوضع الداخلي هشا، حيث إن إصرار “حزب الله” على الاحتفاظ بسلاحه قد يهدد الاستقرار وقد يعيد الأجواء إلى حالة الحرب. وفي حال استمرت السلطات اللبنانية في التماهي مع سياسات الحزب، فإن ذلك قد يعرض لبنان لتهديدات أكبر. الحل يكمن في حزم الدولة قرارها والتوقف عن مسايرة “حزب الله”، وبدء إجراءات ملموسة لجمع الأسلحة غير الشرعية.
في الوقت نفسه، لا يظهر التوجه العربي مختلفًا عن موقف واشنطن حيال لبنان. ورغم التحرر الظاهر من ضغوط “حزب الله”، فإن هناك تخوفًا من الدول الخليجية في التعامل مع لبنان إذا لم يتم تفعيل المسار السليم، حيث تبقى المساعدات الخليجية محصورة بالاحتياجات الإنسانية فقط، مع عدم وجود أي برامج لإعادة الإعمار على غرار ما حدث بعد حرب تموز 2006.
تؤكد المعلومات أن الدول الخليجية لن تقدم مساعدات طالما أن هناك أسلحة غير شرعية في البلد. وفيما يتعلق بمؤتمر الرياض لدعم الجيش اللبناني المزمع عقده الشهر المقبل، فإن التحضيرات لا تزال جارية، وسيعتمد انعقاده على توافق سعودي-فرنسي-أميركي.
وعلى صعيد الاقتصاد، فإن المملكة العربية السعودية ترغب في استئناف التبادل التجاري مع لبنان، مع التركيز على جودة السلع اللبنانية والشروط الأمنية لمكافحة المخدرات. ستفتح الأسواق السعودية أمام المنتجات اللبنانية بمجرد الانتهاء من المتطلبات الأمنية. بينما تستمر الزيارات الرسمية اللبنانية إلى الرياض في تحقيق نتائج إيجابية، يظل اختبار الحكومة الجديدة في لبنان مفتاح تحسين العلاقات، وإذا تمت الاستجابة للمتطلبات، فإن مستقبل التعاون السياسي والاقتصادي سيكون واعدًا.
تعليقات