الشرق الأوسط على أعتاب صدام وشيك: العقوبات والحشود العسكرية تهيئ المسرح للأزمة المقبلة
التوتر الإقليمي في الشرق الأوسط
تشهد منطقة الشرق الأوسط تطورات متزايدة ومقلقة مع إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران، مما يزيد من حدة التوتر في النظام الإقليمي. لم تعد قرارات مجلس الأمن تقتصر على الجوانب الاقتصادية والقانونية، بل أصبحت تمثل غطاءً للتحركات العسكرية الأمريكية المتسارعة في منطقة الخليج. تشير التحليلات الاستراتيجية إلى أن هذه الأوضاع تعيد إنتاج مشهد الأزمات الكبرى التي شهدتها المنطقة منذ حرب الخليج الأولى، إلا أن الظروف الحالية تختلف بتشابك الأبعاد السياسية مع دخول فاعلين دوليين جدد مثل روسيا والصين. ومن منظور سياسي حديث، فإن هذه المرحلة تمثل اختبارًا لمبدأ السيادة الوطنية وحدود القانون الدولي، وسط واقع أمني هش يضع الخليج على شفا الخطورة.
الاحتدام الإقليمي
في الأيام الأخيرة، تدفقت طائرات مقاتلة متطورة إلى القواعد الأمريكية في الخليج، بالتزامن مع تعزيز قدرات الإسناد الجوي وزرع حاملات الطائرات. تعكس هذه المؤشرات، وفق تحليلات قانونية، انتقال الولايات المتحدة إلى مرحلة جديدة تتجاوز سياسة الردع التقليدي نحو التهديد المباشر باستخدام القوة. أشار أستاذ العلوم السياسية خليفة التميمي إلى أن قرار الأمم المتحدة بإعادة العقوبات على إيران يمكن اعتباره بمثابة ضوء أخضر من الإدارة الأمريكية لبدء استراتيجية عسكرية تستهدف النظام في طهران، وهو ما يفسر التحركات الأمريكية المحتدمة. هذا السياق السياسي والقانوني يعكس العلاقة بين شرعية العقوبات والخيارات العسكرية المحتملة، ويشير إلى أن هذه الخطوات مرتبطة أيضًا بالاعتبارات الانتخابية الأمريكية، مما يسهم في تعزيز صورة الردع الأمريكية على المستوى الدولي.
على الرغم من دور أوروبا كمكون رئيسي في الملف النووي الإيراني، إلا أن قدرتها على القيام بعمليات عسكرية تبقى محدودة بسبب المشكلات الاقتصادية المستمرة. وقد لفت التميمي الانتباه إلى أن أوروبا لن تتدخل عسكريًا بسبب تلك الأزمات، لكنها ستؤيد أي خطوات سياسية ضد إيران. يعكس ذلك تحولًا في التركيز الأوروبي نحو الأدوات الدبلوماسية والضغط الاقتصادي، مما يترك القيادة الأمنية للولايات المتحدة. تشير المعطيات الأولية إلى أن الانكفاء الأوروبي يعبر عن عدم توازن في الشراكة عبر الأطلسي، مما يعزز من قدرة واشنطن على تحديد مسار التصعيد.
من جانبها، تقرأ إيران الوضع على أنه قرار أمريكي نهائي لا يمكن تعديله من خلال المفاوضات. بحسب التميمي، تدرك طهران أن واشنطن قد اتخذت قرارها، وأن الحوار لن يغير شيئًا بعد قرار التدخل العسكري، بينما بدأت إيران بالفعل في اتخاذ خطوات لمواجهة ذلك، وسط دعم غير معلن من روسيا والصين. تشير هذه الديناميكيات إلى أن طهران تسعى للاستفادة من تحالفاتها لدعم موقفها ضد الضغوط الغربية. ولعل تحليل المشهد الحالي يعيد تمثيل أن النزاعات الإقليمية يمكن أن تتحول إلى صراعات دولية أوسع، مما يزيد من احتمالات اتساع المواجهة.
تتجاوز أهمية الأزمة المسائل النووية لتشمل الموقع الاستراتيجي لإيران، الذي يربط بين موسكو وبكين. كما أشار التميمي، فإن الأهداف الاستراتيجية لحرب ضد إيران تشمل الصين، حيث يمثل نفوذها الاقتصادي تهديدًا للمصالح الأمريكية، وإيران تعتبر ارتباطًا محوريًا. تكشف هذه الديناميكية أن الصراع الحاصل هو جزء من صراع عالمي على موازين القوة، مما يعكس تحول الشرق الأوسط إلى مركز حيوي في المنافسة الدولية وأثر ذلك على الاقتصاد العالمي.
في السياق الإسرائيلي، يُعتبر وقف إطلاق النار في غزة بمثابة مرحلة مؤقتة لإعادة تنظيم الأولويات، حيث تركز التصريحات العسكرية والسياسية على إيران وحلفائها. وفق التقديرات البحثية، فإن الهجمات التي تعرضت لها مواقع معينة في إيران تحمل رسائل تحذيرية قد تتكرر في أي وقت. هذا الواقع يخاطر أيضاً بزيادة استهداف العراق بعد التهديدات الصريحة بتصعيد القتال ضد قادة الفصائل العراقية. كل هذه التغيرات تعكس مرحلة جديدة من تصعيد التوتر في الشرق الأوسط، حيث تستخدم واشنطن العقوبات لتبرير الخيار العسكري، بينما تسعى إيران لتدعيم اتصالاتها مع قوى كبرى لتعويض تدهور ميزان القوة. يظل الوضع مفتوحًا على احتمالات تهديدات متزايدة تمس منطقة العراق ولبنان واليمن، مما ينذر بإعادة رسم خريطة استراتيجية جديدة للنظام الدولي.
تعليقات