العقوبات على إيران تخلق حالة من الارتباك في الأسواق العراقية: الدينار والدولار تحت الضغط

آلية الزناد وتأثيرها على العراق وإيران

دخلت إيران مرحلة جديدة من العزلة الدولية بعد تفعيل “آلية الزناد” المنصوص عليها في الاتفاق النووي لعام 2015. هذا التفعيل أعاد فرض مجموعة من العقوبات الملزمة التي أقرها مجلس الأمن الدولي، ليصبح الوضع أكثر تعقيدًا بالنسبة للعراق الذي يجد نفسه مجبرًا على إعادة تقييم علاقاته بين شريكه الشرقي وإطار الشرعية الدولية. لم يعد الموضوع مقتصرًا على النقاش، بل تحول إلى واقع جديد يحمل في طياته تحديات عديدة تفرض على بغداد اتخاذ قرارات حاسمة.

تأثير الانتكاسات الاقتصادية

أوضح خبير الاقتصاد أحمد عبد ربه أن العقوبات ستؤثر سلبًا على الاقتصاد العراقي خاصة في مجالي الطاقة والتجارة، نظرًا للاعتماد الكبير على الغاز والكهرباء الإيرانية. هذا الإجراء سيسبب ضغطًا إضافيًا على السوق المحلية، ما يؤدي إلى زيادة الأسعار وارتفاع الطلب على الدولار، مما قد يؤثر على استقرار الدينار العراقي. يشير الخبراء إلى أن أي خلل في تدفقات الغاز أو الكهرباء سيكون له عواقب فورية على الأسواق المحلية، وهو ما يتضح من التجارب السابقة حيث فقد العراق العديد من الميغاوات من إنتاج الكهرباء بسبب التقلص في صادرات الغاز الإيرانية، مما يجعل البلاد في موقف ضعيف أمام التغيرات الإقليمية.

يعكس تقرير غرفة تجارة طهران أن العودة إلى العقوبات لا تعني إعادة القيود السابقة فقط، بل تستدعي إعادة هيكلة النظام الاقتصادي والقانوني. يتوقع الخبراء، مثل محمد خبري، أن تؤثر آلية الزناد على الأسواق الإيرانية بشكل كبير بينما يحذر من سيناريوهات متشائمة تشمل انهيار صادرات النفط وارتفاع أسعار الدولار. وفي الوقت ذاته، يتطلب الوضع من طهران اعتماد سياسات أكثر صرامة لمواجهة الارتدادات الناتجة عن هذه الضغوطات.

استنادًا إلى ما أشار إليه الخبير الاقتصادي زياد الهاشمي، فإن الفرق الجوهري في تفعيل آلية الزناد هو تحويل العقوبات إلى صيغة ملزمة لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. هذا التطور يزيد الضغوط على دول مثل الصين وروسيا التي تتعامل مع طهران، مما يعزز من فرضية تمدد عزلة إيران ويسعى العراق إلى التزام مسار الشرعية الدولية. يشدد عبد ربه على ضرورة تنويع مصادر الطاقة والتوسع في المشاريع الوطنية لتقليل الاعتماد على الإمدادات الإيرانية، مما يستدعي تدابير احترازية للحفاظ على الاقتصاد الوطني في وجه الضغوط الجديدة.

ورغم هذه التحديات، لم تتخذ الحكومة العراقية موقفًا واضحًا بعد. تعكس حالة الصمت التي تلتزم بها الجهات الرسمية قلقًا من تبعات اتخاذ موقف قد يؤدي إلى تعقيد العلاقات مع طهران أو العالم الخارجي. ومع استمرار النقاش حول المسارات الممكنة، يواجه العراق معادلة معقدة تفرض عليه الاختيار بين الالتزام بالشرعية الدولية أو الانحياز إلى شريكه الإيراني مع المخاطر المترتبة على ذلك. هذه القضية تشكل اختبارًا دقيقًا لعلاقات العراق الدولية، وقد تحدد مستقبله الإقليمي وقدرته على المناورة بين الضغوط المتعارضة.