الأنظمة العمالية وتعزيز استقرار الأسرة في المملكة
أكد مجلس شؤون الأسرة على ضرورة التزام الوزارات والهيئات الحكومية والقطاع الخاص بالأنظمة المعمول بها في المملكة، مشيراً إلى أن هذه الأنظمة ليست مجرّد لوائح تنظيمية، بل أدوات عملية تهدف إلى خلق بيئة داعمة للأسرة والحفاظ على توازنها بين متطلبات الحياة العملية واحتياجاتها الأسرية.
إقرأ ايضاً:
وزارة الموارد البشرية تطلق مبادرة تصحيح أوضاع العمالة المتغيبة عن العملوزير المالية يوضح أهداف ميزانية 2026 لتعزيز الاستدامة المالية والنمو الاقتصاديالغذاء والدواء تفجر مفاجأة .. لائحة جديدة تقلب موازين وجبات الأطفال في المطاعم“مدينة الملك سلمان الطبية” تسجّل “معجزة نادرة”.. قلبان صغيران يلتقيان بعد انتظار طويل
التشريعات العمالية ودورها في دعم الأسر
أوضح المجلس أن نظام العمل في السعودية يتضمن نصوصاً واضحة تهتم بالأسرة وتعزز دورها في العملية التنموية، حيث تعكس هذه التشريعات رؤية المملكة التي تعتبر الإنسان محركاً أساسياً لمستقبلها، مشددة على أن استقرار الأسرة جزء لا يتجزأ من استقرار المجتمع.
أشار المجلس إلى أن من أبرز هذه المواد هي إجازة الوضع للمرأة العاملة، إذ تُمنح إجازة مدفوعة الأجر لمدة عشرة أسابيع تبدأ متى أرادت من الأسابيع الأربعة السابقة لتاريخ الولادة، مما يوفر للمرأة العاملة مرونة كبيرة في التخطيط لتلك الفترة.
كما أن هذه الإجازة مدفوعة الأجر بالكامل، مما يُخفف من القلق المالي عن الأسرة خلال مرحلة ذات أهمية كبيرة في حياتها، ويعطي المرأة فترة كافية للاستراحة والاستعداد للعودة للعمل بشكل صحي ومتوازن، دون فقدان مصدر دخلها.
بالإضافة إلى ذلك، يتيح النظام فترات استراحة للمرأة العاملة لإرضاع مولودها بعد عودتها إلى العمل، بحيث لا تزيد مدة هذه الاستراحات عن ساعة واحدة يومياً، لتلبية احتياجات الأم والطفل وتعزيز حق الطفل في الرعاية الطبيعية.
أكد المجلس أن هذه الحقوق ليست مجرد امتيازات، بل هي التزامات قانونية تضمنها الدولة للمرأة العاملة، وأن الجهات الرسمية تسعى لتطبيقها وفق المعايير الدولية لرعاية الأمومة والطفولة.
أما الأب، فقد أتاح النظام له الحصول على إجازة مدفوعة الأجر لمدة ثلاثة أيام عند ولادة ابنه، وهذا يعدّ خطوة عملية لدعم دوره الأسري، حيث تعكس هذه الإجازة الوعي المتزايد بأهمية مشاركة الأب في اللحظات الأولى لحياة المولود.
تأتي هذه الحقوق ضمن منظومة شاملة تهدف إلى تعزيز بيئة العمل وجعلها تتماشى مع احتياجات الأفراد، إذ تُعتبر الأسرة محوراً أساسياً في رؤية المملكة 2030 نحو التنمية المستدامة.
إدخال هذه التشريعات إلى بيئة العمل يسهم في رفع مستوى الرضا الوظيفي وزيادة إنتاجية العاملين، حيث يشعرون بأن احتياجاتهم الأسرية محترمة ومعتبرة.
أشار المجلس إلى أن هذه التعديلات ليست مجرّد قرارات إدارية، بل هي تطبيق عملي لرؤية القيادة السعودية التي تضع الإنسان في قلب اهتماماتها، وتعمل على خلق توازن بين العمل والحياة الأسرية.
شدد المجلس أيضاً على أن التزام القطاعين الحكومي والخاص بهذه التشريعات يمثل اختباراً حقيقياً لمدى نجاح سياسات التمكين الاجتماعي، حيث أن عدم الالتزام بها قد يؤثر سلباً على استقرار الأسرة.
يعتبر المراقبون أن هذه التشريعات تمثل تحولاً في العلاقة بين العامل ومكان عمله، حيث لم يعد العامل مجرد أداة إنتاج، بل إنسان له حقوق واحتياجات عائلية يجب مراعاتها لتحقيق بيئة عمل عادلة.
تساهم هذه التشريعات أيضاً في تعزيز مشاركة المرأة في سوق العمل، إذ إن توفير بيئة قانونية داعمة لها خلال فترة الأمومة يتيح لها الاستمرار في العمل بشكل أكثر استقراراً، ويقلل من الضغوط الاجتماعية.
وأكد المجلس أن هذه الحقوق تتماشى مع أهداف رؤية 2030، التي تسعى إلى زيادة نسبة مشاركة المرأة في السوق، اعترافاً بدورها الأساسي في عملية التنمية الوطنية وضمان التوازن بين دورها المهني والأسري.
كما أن منح الأب إجازة خاصة عند الولادة يؤكد أهمية دوره في الأسرة ويعزز ثقافة المشاركة بين الزوجين في تربية الأبناء، مما يسهم في تغيير الأنماط الاجتماعية نحو نموذج أكثر توازناً.
ما يميز هذه التشريعات هو شموليتها، حيث تقدم حلولًا عملية لمشكلات واقعية، مثل الإجهاد بعد الولادة واحتياجات الرضاعة الطبيعية، وتضع لها حلولًا قانونية قابلة للتطبيق.
وفي الختام، أكد مجلس شؤون الأسرة أن هذه الأنظمة هي خطوة ضمن سلسلة من الإصلاحات التي تهدف إلى جعل المملكة نموذجًا عالميًا في التوفيق بين بيئة العمل واستقرار الأسرة، بما يتماشى مع التحولات الكبرى التي تشهدها البلاد.

تعليقات