الاستثمار في قطاع الطاقة: محركات النمو والتوجهات المستقبلية
قال مساعد وزير الطاقة لشؤون البترول والغاز في المملكة العربية السعودية، محمد البراهيم، إن تاريخ تجارب التجارة في قطاع الطاقة يثبت أن العوامل الاقتصادية وسياسات النمو هي القوى الدافعة الرئيسية للاستثمار وحركة الإمدادات، بينما تبقى القضايا الجغرافية السياسية عاملاً مؤقتاً لا يؤثر على الاتجاه على المدى البعيد.
وأشار البراهيم خلال مشاركته في إحدى جلسات المؤتمر الدولي للتكرير 2025، إلى أن الطلب العالمي على النفط شهد ارتفاعاً بنسبة تفوق 50% خلال العقود الثلاثة الماضية، وكان هذا النمو مركزاً بشكل كبير في شرق العالم، مما أثر على حركة الاستثمارات والتجارة العالمية. وأوضح أن الشركات السعودية، بما في ذلك “أرامكو”، استثمرت بشكل كبير في آسيا لتلبية الطلب المتزايد، بالإضافة إلى استثمارات محلية هائلة في المملكة لزيادة الطاقة الإنتاجية من النفط والغاز وتلبية احتياجات الأسواق.
العوامل المؤثرة في الاستثمارات في مجال الطاقة
وأوضح البراهيم أن السياسات الاقتصادية في بعض الدول أثرت بشكل مباشر في توجيه الاستثمارات، لافتاً إلى أن تبني سياسات تقلل الاعتماد على الهيدروكربونات أدى إلى تراجع بعض الاستثمارات في مناطق معينة، بينما انتقلت تلك الاستثمارات إلى أسواق أخرى ذات طلب أكبر. وأكد أن هذه التحولات كشفت أن الاقتصاد والسياسات التنموية تمثل عوامل رئيسية تحرك الاستثمارات، وليست النزاعات السياسية أو الأزمات العابرة.
وفيما يتعلق بأمن الطاقة، كشف البراهيم عن سلسلة من المشاريع التي تنفذها المملكة لضمان استقرار الإمدادات وزيادة مرونة النظام. وأكد أن المملكة تعمل حالياً على توسيع شبكة الغاز من خلال مشروع ضخم تنفذه “أرامكو” من المتوقع أن يضيف نحو 3.15 مليار قدم مكعب قياسي يومياً. كما هناك 64 مشروعاً للطاقة المتجددة في مراحل متعددة من التطوير، تتضمن مشاريع قيد الإنشاء وأخرى مرتبطة بالشبكة أو في مرحلة الطرح.
وأشار البراهيم إلى أن هذه الجهود ستمكن المملكة من توفير نحو مليون برميل يومياً من النفط الخام والمنتجات التي كانت تُستخدم محلياً، ليتم إعادة ضخها للأسواق العالمية أو الاستفادة منها داخلياً، مما يعزز من مكانة المملكة كمورد موثوق للطاقة على الصعيد العالمي. وأكد أن هذه المشاريع تتماشى أيضاً مع دخول المملكة مجالات جديدة مثل الهيدروجين منخفض الكربون، حيث تُجرى عمليات تطوير مشروعات في نيوم بالتعاون مع “أكوا باور”، بالإضافة إلى مشروعات في المنطقة الشرقية ومبادرات لتطوير بدائل وقود جديدة.
كما أشار البراهيم إلى أن المملكة تتبع استراتيجية قائمة على التنويع وزيادة المرونة وتعزيز مزيج الطاقة، مما يضمن استدامة الإمدادات على الصعيدين المحلي والدولي. وأوضح أن هذه الاستثمارات، على ضخامة حجمها، تعتبر قرارات جريئة ولكنها ضرورية لضمان قدرة النظام الطاقي على مواجهة التحديات المستقبلية.
واختتم البراهيم بالإشارة إلى أن الشراكات الدولية والتعاون الإقليمي والعالمي لا تعد خياراً بل ضرورة حتمية، مؤكداً أن المملكة تعتبر وما زالت شريكاً موثوقاً لعملائها في جميع أنحاء العالم، وأنها ستواصل القيام بدور محوري في تأمين احتياجات الطاقة العالمية.

تعليقات