التجارب العالمية في تملك الأجانب للعقار
يشير استمرار تدفق الاستثمارات العالمية إلى أن العقارات أصبحت أكثر من مجرد مبانٍ، بل هي روابط تعزز الاقتصاد والثقافات. تعد لندن، مع برج لاند مارك بيناكل في منطقة كاناري وارف، ونيويورك مع برج سنترال بارك شواهد على هذا الاتجاه، حيث يجسد كل منهما استثمارات بالمليارات من الأجانب. يعكس هذا الواقع الأهمية المتزايدة لتملك الأجانب للعقارات ودوره في تعزيز الاقتصادات الوطنية.
ملكية الأجانب للعقارات كفرصة اقتصادية
تسلط “الرياض” الضوء على التجارب العالمية في تملك الأجانب للعقار، خاصة بعد القرار الحكومي الجديد الذي يتيح ذلك في السعودية اعتباراً من يناير 2026. من المتوقع أن يدعم هذا القرار السوق العقاري ويعزز مشاركة غير السعوديين في هذا القطاع. كما تشير التوقعات إلى أن حجم السوق العالمي للاستثمار العقاري قد يصل إلى نحو 952 مليار دولار، مع اعتبارات هامة لأهمية الابتكار والاستدامة في القطاع. نسبة تملك الأجانب في الدول المتقدمة تتراوح بين 10 – 15 %، حيث سجّلت الولايات المتحدة عام 2024 مشتريات بقيمة 56 مليار دولار للأجانب، بينما ساهم امتلاك العقارات في دبي في نمو أسعار الإيجارات بنسبة 16.9 %.
في الولايات المتحدة، يتمتع الأجانب بحرية التملك، مما جعلها محطة جذب عالمية، لكن يتطلب الأمر بعض الإجراءات القانونية. في الصين، من ناحية أخرى، يتم فرض قيود صارمة لحماية السوق المحلي، مع معاملات تمثل أقل من 1 %، وذلك بالتوازي مع انخفاض الأسعار. أما في المملكة المتحدة، فإن الأجانب يستطيعون شراء العقارات لكن مع فرض ضريبة إضافية، ما يعكس الموقف الفريد للبلاد في سياق جذب الاستثمار وثبات الأسعار.
تعتبر ألمانيا مثالاً آخر حيث لا توجد قيود على الأجانب، مما يضمن سوقاً عقارياً مزدهراً. كما تقدم فرنسا وسويسرا تجارب متنوعة في تملك العقارات، حيث تُعتبر الضوابط أداة لتحقيق التوازن بين حقوق السكان المحليين وجاذبية الاستثمار. من جانبها، تسمح كندا بالتملك مع بعض القيود التي تهدف لحماية المواطنين. في حين تواصل أستراليا الحفاظ على مصالحها عبر نظام مراجعة استثماري خاص، مما يضمن توجيه الاستثمارات نحو البناء الجديد وتعزيز الاقتصاد المحلي.
تسعى تركيا، من خلال السماح بتملك العقارات، إلى جذب الاستثمارات من الأجانب مع تقديم الجنسية كمغناطيس استثماري. وأخيراً، تعكس تجربتا إسبانيا وسنغافورة كيفية تعزيز الجنسية الربحية مع تحديد شروط معينة لتحقيق التوازن بين المتطلبات المحلية ومعايير الاستثمار الدولي.
مع الاستفادة من هذه التجارب العالمية، يمكن للسعودية أن تضع مقترحات تهدف لتطوير السوق العقاري المحلي من خلال سياسات تحفز على التملك، مما يعزز من الاستقرار الاقتصادي ويوفر فرصاً استثمارية متنوعة. يتطلب ذلك اتباع نهج حكيم يسعى لتحقيق التوازن بين التملك الأجنبي وحماية السوق المحلي.
تعليقات