الإضراب عن الطعام وتأثيره على عرض الأفلام
ما الذي يدفع مخرجًا شابًا، محمود يحيى، إلى اتخاذ قرار الإضراب عن الطعام من أجل عرض فيلمه (اختبار مريم) في سينما (زاوية)؟
الاحتجاج وتأثيره على الصناعة
على الرغم من تعاطفنا مع المخرج وطموحه المشروع في عرض فيلمه، إلا أن هذا القرار يعكس تضاربًا في المنطق، نتج عن تحديات نفسية قد يعاني منها. تمتلك دار عرض (زاوية) سياساتها الخاصة، ولها مطلق الحرية في الاختيار ما تعرضه أو ترفضه. من جهة أخرى، يحق للمخرج أن يشعر بالحماس تجاه مشروعه الفني، خاصة أنه قد استثمر مدخراته في إنتاج فيلمه.
المخرج ينبغي أن يكون واعيًا أن الحماس تجاه مشروعه ليس بالضرورة أن يشاطره الآخرون. هناك مشكلة أكبر تتعلق بالصناعة السينمائية المصرية، حيث أن احتكار شركات الإنتاج لمنافذ التوزيع يعوق من قدرة أفلام معينة على الوصول إلى الجمهور. هذا الاحتكار يُعتبر محرمًا في معظم الأسواق العالمية، ويمتد لييؤثر على جميع أنواع المنتجات الاقتصادية.
بينما تمكن عدد من شركات الإنتاج من البقاء ضمن هذه المنظومة، نجد أن هناك شركات صغيرة تكافح من أجل الوجود. اتخذ محمود يحيى قرارًا بتمويل فيلمه رغم الظروف الصعبة وندرة الموارد، مما يثير تساؤلات حول خطته لاسترداد تكاليف الإنتاج. هل لديه أي اتفاقيات مع منصات عرض لمساعدته في استعادة جزء من ميزانيته؟ على ما يبدو، لم يضع المخرج خطة بديلة، حيث استثمر ماليته بالكامل دون احتساب الطرق الممكنة لتعويضها.
شاهدت الفيلم قبل عامين في مهرجان الإسكندرية، ومنذ ذلك الحين، لم أتمكن من تقييمه بشكل موضوعي، حيث أن عدد المشاهدين الذين حضروا العرض كان محدودًا. من الصعب كتابة تقييم عادل لفيلم لم يشاهده سوى بضع عشرات، بينما النقد عادةً موجه للقراء الكثيرة الذين بإمكانهم الذهاب إلى السينما والمشاركة في تجربة مشاهدة الفيلم.
مع استمرار الإضراب، تزداد الأمور تعقيدًا. هل عرض الفيلم بالفعل سيحل المشكلة؟ وإذا قامت سينما (زاوية) بإصدار بيان تعلن فيه أنها سستعرض الفيلم إشفاقًا على المخرج، كيف سيكون وضعه بعد إدراك أن تعاطف الناس يركّز على إنسانيته وليس على عمله السينمائي؟ هناك العديد من الأفلام التي لم تجد منصة مناسبة للعرض، لكن يمكن أن تجد لنفسها مكانا بطرق غير تقليدية.
أرى أن عرض فيلم في سينما مثل (زاوية)، ذات السعة المحدودة، لا يمكن أن يحقق العائد المالي المطلوب لتعويض تكاليف الإنتاج. أتمنى أن يتخذ المخرج قرارًا بإغلاق هذا الملف وأن يوقف إضرابه عن الطعام. سواء تم عرض الفيلم في (زاوية) أو دار أخرى، سيشاهده الجمهور في النهاية دون الحاجة لأي رحمة.
تعليقات