الإهمال الوظيفي وآثاره القانونية
أوضح نائب رئيس محكمة استئناف الكرخ، القاضي صلاح دريب، أن التشريعات العراقية تفتقر إلى تعريف واضح للإهمال الوظيفي، لكن الفقه القانوني يعتبره “عدم التزام الموظف بالسلوك المناسب والمعقول الذي يُتوقع من الموظف العادي في ظروف مشابهة، مما يؤدي إلى أضرار للغير أو للإدارة”. ولفت إلى أن الإهمال يمكن أن يحدث بفعل إيجابي أو سلبي من قبل الموظف.
تقاعس المسؤولية في العمل
وأشار دريب، في تصريحاته، إلى أن القانون ينص على فرض عقوبات باسم المجتمع وعلى مصلحته بحق من يرتكب أي أفعال مجرّمة، بهدف إصلاحهم وضمان عدم تكرار السلوك غير القانوني، بالإضافة إلى ردع آخرين. وقد تُعتبر الأخطاء الوظيفية بمثابة مخالفات إدارية تعالج وفق قانون انضباط موظفي الدولة رقم (14) لسنة 1991، أو قد تتصاعد لتصبح جرائم جنائية تُعاقب عليها وفق قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969.
وأوضح القاضي دريب أن المادة (341) من قانون العقوبات تحدد صور الإهمال الوظيفي مثل الإهمال الجسيم وإساءة استخدام السلطة والإخلال الجسيم بالواجبات، حيث تعتبر أي من هذه الأفعال جريمة تستوجب العقاب دون تفريق.
وفيما يتعلق بالمسؤوليات الناتجة عن الإهمال، نبّه إلى أنها قد تكون تأديبية من خلال فرض عقوبات وفق قانون الانضباط، أو مدنية في حال تسبب ضرر للأموال العامة أو الأفراد، أو جنائية إذا تحولت الأفعال إلى جرائم بموجب القانون. وفي هذا السياق، يتطلب إثبات الإهمال استخدام عدة وسائل مثل الاعتراف، التحقيقات الإدارية، شهادات الشهود، والأدلة العلمية، مشيرًا إلى أهمية القضاء في محاسبة جميع المتسببين في حالات الإهمال الجماعي أو المؤسسي.
وأكد دريب أن العقوبات المنصوص عليها تصل إلى السجن لمدة ثلاث سنوات إذا تسبب الموظف بأضرار جسيمة للأموال أو المصالح العامة أو الخاصة، مع إتاحة المجال للمحكمة لتحديد العقوبة وفقًا للملابسات. وشدد على ضرورة مراجعة النصوص القانونية بصورة مستمرة لتجنب الثغرات، ودعا لتفعيل الحكومة الإلكترونية وتعزيز الرقابة الإدارية والرقمية لنشر الثقافة القانونية داخل المؤسسات.
في سياق متصل، تناول نائب رئيس محكمة استئناف الأنبار، القاضي أحمد عبد المجيد، موضوع الإهمال الوظيفي، مؤكدًا أنه ينشأ عن عدم اهتمام الموظف أو امتناعه عن اتخاذ الاحتياطات اللازمة بحسب القانون، مما يؤدي في النهاية إلى أضرار جسيمة على الأموال أو مصالح الدولة والأفراد. وأوضح أن هناك فروقًا مهمة بين الإهمال الوظيفي وإساءة استخدام السلطة، حيث يتعلق الإهمال بفشل الموظف في أداء واجباته مما يضر بالمصلحة العامة، بينما يتعلق إساءة استخدام السلطة بالتجاوزات غير القانونية للصلاحيات الموكلة.
وكشف عبد المجيد أن الإهمال الوظيفي يمكن أن يؤدي إلى عقوبات تأديبية أو مدنية أو جزائية، يعتمد ذلك على الظروف. وأكد على أهمية استخدام عدة مصادر لإثبات الإهمال، بما في ذلك تقارير الأدلة الجنائية، شهادات الشهود، السجلات الرسمية والمستندات المضبوطة. وأشار إلى أن قانون العقوبات العراقي يحدّد العقوبات المتعلقة بكل من الإهمال العمدي وغير العمدي كعقوبات جنائية تهدف إلى الحماية والردع. ودعا إلى إصدار نصوص صريحة تجرّم الإهمال المتعمد وتعزّز العقوبات بما يتناسب مع خطورة الفعل ونتائجه، موضحًا ضرورة دور الأجهزة الرقابية في تعزيز ثقافة النزاهة وتوعية العاملين في المؤسسات.
تعليقات