في خطوة هي الأولى من نوعها منذ أكثر من عشر سنوات، قررت البنوك السعودية تقليص نسبة الاستقطاع الشهري المطبق على القروض العقارية والشخصية للمواطنين ذوي الرواتب التي تقل عن 15 ألف ريال، حيث ستخفض النسبة من 65% إلى 55%.
تخفيض نسبة الاستقطاع للقروض في البنوك السعودية
تعتبر هذه الخطوة تحولاً كبيراً في السياسات المالية، ويُتوقع أن تسهم في تخفيف العبء المالي على الأسر ذات الدخل المحدود والمتوسط، مما يعيد تنشيط القدرة الشرائية للكثير من المواطنين.
تعديل شروط الاستقطاع المالي
تشير معلومات مصرفية إلى أن النسبة الجديدة ستطبق على كافة أنواع التمويل، سواء كانت مدفوعة من الحكومة أو غير مدفوعة، شرط أن يكون دخل المستفيد أقل من 15 ألف ريال شهريًا. هذه الخطوة تعكس رغبة البنوك في معالجة التحديات الاقتصادية وتعزيز التوازن المالي للأسر.
جدير بالذكر أن سقف الاستقطاع السابق، الذي وُضع منذ عام 2014 عند 65%، كان يُعتبر من بين الأكثر ارتفاعًا عالميًا، مما شكل ضغطًا كبيرًا على المقترضين. وقد أشارت التقارير الإعلامية إلى أن البنوك بدأت مؤخرًا في تطبيق هذا التخفيض ليصبح 55% للمؤهلين، الأمر الذي يشير إلى استجابة السوق لمطالب الجهات المعنية بتحسين الوضع المالي للأسر.
المصادر أكدت أن هذا القرار سيشمل القروض الجديدة، وليس بالضرورة أن يكون له تطبيق بأثر رجعي على القروض القائمة، مما يعني أن الوضع المالي للمقترضين الذين وقعوا على عقود سابقًا سيظل متماشيًا مع الشروط السابقة.
كما تأتي هذه الخطوة في إطار توصيات خبراء الاقتصاد والمنظمات الدولية التي دعت إلى ضرورة تقليل الضغوط المالية عن الأسر ذات الدخول المتواضعة. في دول أخرى مشابهة، تكون نسبة الاستقطاع اعتيادية أقل بكثير من 65%.
تعليقًا على ذلك، أوصى تقرير مشاورات المادة الرابعة لصندوق النقد الدولي لعام 2025 بأن تتم مراجعة النسبة المحددة للاستقطاع لضمان استدامة العلاقة بين الاقتراض والقدرة على السداد.
ستمكن هذه التعديلات الموظفين الذين تتجاوز رواتبهم 15 ألف ريال من الاستمرار تحت النظام القديم بينما ستُطبق النسبة الجديدة على من تقل رواتبهم عن هذا الحد، بما يعكس مدى قدرة المقترض على الالتزام بالسداد دون تعرضه لمخاطر كبيرة.
بالإضافة إلى ذلك، سيتم تقييم قدرة المقترضين بناءً على دخلهم بما يضمن ملاءمة الاستقطاع لدخلهم الفعلي، مما يسهل عليهم إدارة التزاماتهم المالية. كما يتوقع أن تفرض البنوك متطلبات مثل تقديم إثبات دقيق للدخل وتحديث البيانات بشكل دوري لضمان تناسب المتطلبات مع الواقع المالي للمستفيدين.
نتيجة هذا القرار قد تلاقي استحسانًا واسعًا بين المواطنين الذين شعروا بأن نسبة الاستقطاع المرتفعة كانت تعيق قدرتهم على إدارة تكاليف حياتهم اليومية، مثل الغذاء والرعاية الصحية والتعليم، مما سيوفر لهم مجالاً أكبر للتخطيط المالي وتحسين قدرتهم على الادخار.
ومع ذلك، يواجه القطاع المصرفي تحديات تتعلق بإدارة المخاطر، حيث إن خفض سقف الاستقطاع قد يزيد من المخاطر التي تتحملها البنوك في مجال الإقراض، مما قد يستدعي مراجعة تقييمات الجدارة الائتمانية والضمانات اللازمة.
ستكون البنوك مُلزمة بإعادة هيكلة بعض شروط القروض والضمانات لضمان توافقها مع النسب الجديدة، إضافة إلى ضرورة تعديل السياسات الداخلية وأساليب التقييم لضمان تنفيذ هذه التعديلات بفاعلية. كما يُتوقع أن تقدم البنوك ترتيبات إضافية لدعم المقترضين ذوي الدخل المحدود، مثل فترات سماح أو إعادة جدولة القروض في ظروف صعبة.
لم يتم بعد الإعلان عن التواريخ المحددة لدخول التغييرات حيز التنفيذ، لكن من المتوقع أن تبدأ البنوك تدريجياً في تنفيذ النسبة الجديدة على القروض الشخصية أو العقارية في الأشهر القليلة القادمة مع إخطار مسبق للمتقدمين. بالإضافة إلى ذلك، يتوقع أن تخضع هذه الخطوة لرقابة من قبل البنك المركزي السعودي لضمان التوازن بين دعم المقترضين واستقرار القطاع المصرفي.
سترافق تلك الإجراءات حملات إعلامية لتوعية المواطنين بكيفية الاقتراض تحت هذه النسب الجديدة، مما قد يساعد في محافظة تنفيذ القوانين واللوائح بشكل عادل وشفاف. يعد هذا التعديل فرصة فعالة لتعزيز نظام الإقراض في السعودية، حيث سيتيح المجال لأعداد أكبر من الأفراد للدخول في برامج التمويل العقاري والشخصي دون التعرض لضغوط مالية غير مبررة. نجاح هذا التوجه يعتمد على التنفيذ السليم والالتزام بخطط لمراقبة المخاطر لضمان استقرار النظام المصرفي مع تحقيق المصلحة لمختلف الأطراف.

تعليقات