السلاح في العراق: أزمة أمنية متفاقمة
منذ عام 2003، يعيش العراق حالة من الاضطراب بين الدولة والسلاح، حيث إن الدستور يكفل للحكومة مسؤولية حصر القوة في يد المؤسسات الرسمية، إلا أن الواقع قد أسفر عن ظواهر مقلقة تتمثل في انتشار الأسلحة بشكل غير منظم. تجسدت هذه الظواهر في تزايد اقتناء السلاح في البيوت والقرى، حيث تفوق قوة بعض الفصائل المسلحة والعشائر سلطة القانون. هذا التناقض أصبح واضحاً في الشارع، إذ شهدت مناطق مختلفة حالات اغتيال ونزاعات مسلحة، مما أعاد خلط الأوراق في العملية الأمنية.
تناقضات قانونية وتأثيراتها
الإطار التشريعي في العراق يتيح تنظيم اقتناء السلاح، إلا أن المشكلات تكمن في تطبيق هذه القوانين بشكل انتقائي. ففي حين تعرض كثير من المواطنين إلى إجراءات صارمة لمجرد حيازة قطعة سلاح بسيطة، تظل الفصائل المسلحة محصنة من أي محاسبة. كما ذكر النائب باقر الساعدي في حديثه عن تفشي ظاهرة السلاح في البيوت، حيث أظهرت الإحصائيات أن العديد من المنازل تحتوي على عدة قطع سلاح. ذلك يعكس عدم قدرة القوانين الحالية على ضبط هذه الظاهرة، مما يجعل تطبيقها مقصوراً على فئات معينة دون أخرى.
في السنوات الأخيرة، أطلقت وزارة الداخلية برنامج تسجيل الأسلحة في محاولة لتنظيم حمل السلاح وتنظيم الانتشار العشوائي له. رغم وجود مراكز استقبال وتخصيص مهلة زمنية للتسجيل، إلا أن الإقبال الشعبي كان ضعيفاً. أكد الساعدي على ضرورة دعم هذا البرنامج لضمان احتواء ظاهرة السلاح في المجتمع العراقي، مسلطاً الضوء على أهمية تنفيذ قوانين صارمة لتحقيق ذلك.
تتجاوز مسألة السلاح في العراق كونه مجرد وسيلة للدفاع، ليصبح رمزاً للنفوذ السياسي والاقتصادي. كلما زادت ترسانات الفصائل والأحزاب، أصبح السلاح أداة ضغط تمثل توازنات داخلية وخارجية. وبناءً على آراء سياسية حديثة، فإن أي محاولة لنزع السلاح أو تنظيمه لن تكون فعالة ما لم تشمل هذه القوى المؤثرة، مما يعزز الفجوة بين القانون والمواطن البسيط.
تشير التقارير إلى وجود أكثر من 70 مليون قطعة سلاح في العراق، وهذا الرقم يعكس عمق الفجوة بين قدرات الدولة الرقابية والحجم الحقيقي للسلاح في المجتمع. أيضاً يضاف إلى ذلك مشكلات الفساد التي تلاحق قطاع تسجيل الأسلحة، حيث يُسجل البعض أسلحة بأسماء وهمية، مما يجعل من الصعب محاربة الظاهرة بشكل فعّال. في ختام الأمر، يتحتم على الحكومة الإقدام على خطوات جادة لإحياء الثقة مع المواطن عبر تعزيز النظام القضائي وتطبيق القوانين بشكل عادل.

تعليقات