العزة من خلال التاريخ: من الملك عبدالعزيز إلى الملك سلمان
يتوقف الزمان في الثالث والعشرين من سبتمبر كل عام لنحتفل بذكرى ملؤها الفخر والعراقة، اليوم الذي يجسد تاريخ المملكة العربية السعودية المليء بالإنجازات والتحديات. إنه اليوم الوطني الذي يجمع بين الأصالة التارخية والتطلعات الحديثة، مشيرًا إلى أمة عظيمة نهضت وترسخت عبر الزمن. تُعد هذه المناسبة تجسيدًا لمشوار طويل من النضال، حيث تسكن في عمقها قيم العزة والفخر التي لا تُقدر بثمن.
تعود بداية هذه القصة الرائعة إلى جهود الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، الذي انطلق من قلب صحراء نجد ليحقق حلمًا عظيمًا على أراضي المملكة. كانت رؤيته تتجاوز حدود الجغرافيا، وإرادته استطاعت تجاوز جميع العقبات. بفضل تضحياته، استطاع أن يوحد القبائل ويعلن عن تأسيس المملكة في 23 سبتمبر 1932م، ومنذ ذلك الحين بدأت مرحلة جديدة من التاريخ السعودي، مدفوعةً بتراث ثري وعادات راسخة تمثل الجوهر الحقيقي للشعب السعودي.
القيم المتجذرة في الطابع الوطني
كان الملك عبدالعزيز رمزًا استثنائيًا للمثالية، حيث اتسمت شخصيته بالقوة والحكمة، التواضع والكرم، والعزيمة والرحمة. أثر طابعه القوي في المجتمعات التي حكمها، مما جعل الشعب السعودي مفتخرًا بهويته وتراثه الغني. لم تكن المملكة تتوقف عند حدودها الجغرافية، بل كانت تمثل نظامًا من القيم التي ربطت الأفراد ببعضهم وبأرضهم، وأنتجت مجتمعًا متماسكًا ذو هوية ثقافية متينة.
مع مرور الزمن، تسلم الحكام زمام الأمور، وأضاف كل منهم رؤاهم وإنجازاتهم في مسيرة التنمية. من الملك سعود الذي إيذَّن ببنية تحتية حديثة، إلى الملك فيصل الذي عزز مكانة المملكة عالميًا، والملك خالد الذي بنى أساسًا اقتصاديًا قويًا، مرورًا بالملك فهد الذي ساهم بقوانين تنموية، إلى الملك عبدالله الذي أطلق مشاريع جادة للنمو، وصولاً إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان الذي يقود اليوم باقتدار ورؤية مستقبلية تسلط الضوء على الجذور والتراث.
تؤكد هذه المشوارات أن العادات والتقاليد ليست أشياء ثابته بل هي الأساس للمستقبل. ففي الذكرى الخامسة والتسعين لليوم الوطني، يظهر شعار “عزّنا بطبعنا” مدلولاته الواضحة، حيث تجسد عزة الوطن في طبع شعبه من الكرم والشجاعة والوفاء، مما يعكس قوة الهوية الوطنية في كل زمن ومكان.
إن الطابع السعودي متجذر في الموروث الثقافي والعادات التي يستمد منها الشعب قوته في مواجهة التحديات. اليوم، ونحن نعيش أجمل لحظات الذكرى الوطنية، نعبر عن امتناننا وتقديرنا لكل ملك أسهم في بناء هذا الوطن، ولأجيال متعاقبة حافظت على هذه القيم وقادت نحو التقدم. “عزّنا بطبعنا” هو أثر ثمين يذكرنا بأن الفخر ينبع من داخلنا بما يتجلى في طابعنا الأصلي الذي يحمل مزيج الأصالة والتطور.
في هذا العام، نحتفل بالتطورات المحورية التي حققتها المملكة تحت قيادة الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، الأمر الذي يجعل من اليوم الوطني مناسبة ليست فقط للاحتفال، بل لتجديد الولاء وتعزيز الانتماء. إن القيم التقليدية تعيش في جوهر كل سعودي وسعودية، مستمرة في تشكيل ملامح المستقبل الذي يواجه بجرأة واستعداد.

تعليقات