غموض يحيط بتفاصيل اتفاقية الدفاع الاستراتيجي بين السعودية وباكستان

أعلنت باكستان والمملكة العربية السعودية مؤخرًا عن اتفاقية الدفاع الاستراتيجي المشترك في ظل توترات متزايدة تسود منطقة الخليج، نتيجة للعلاقات التاريخية الوثيقة بين البلدين. ومع الإعلان في 17 سبتمبر بالرياض، تعالت الأسئلة حول الأبعاد المحتملة لهذه الاتفاقية، خاصة فيما يتعلق بجانبها النووي. يقول جوشوا وايت من مركز بروكينغز إن “الأفراد المطلعين على الأحداث الرئيسية في الشرق الأوسط وجنوب آسيا كانوا مفاجئين” بهذا الإعلان، الذي يربط قوة نووية آسيوية مع دولة خليجية عظمى. يأتي هذا في إطار دولي معقد يتضمن الصراع الإيراني الإسرائيلي، والهجمات الإسرائيلية في قطر، والقلق بشأن برنامج إيران النووي، والمواجهة العسكرية بين الهند وباكستان، مما يعزز التكهنات حول نطاق وجدول زمني لهذه الاتفاقية.

تعاون استراتيجي

تم إبرام الاتفاقية كنتيجة لعقود طويلة من التعاون العسكري بين باكستان والسعودية. يشير وايت أن “هذه الاتفاقية تعكس رسميًا وتعزز عقودًا من التعاون الأمني بين البلدين، مستندة إلى بروتوكول يعود إلى عام 1982”. توضح كاميي لونس، المتخصصة في شؤون الخليج، أن العديد من العسكريين السعوديين خضعوا للتدريب على يد الباكستانيين، إضافة إلى وجود متعاقدين باكستانيين مع وزارة الدفاع السعودية. وتؤكد أن “التفاوض حول الاتفاقية كان جارياً منذ فترة طويلة، لذا ينبغي توخي الحذر في ربطها بالتطورات الأخيرة، مع أنه من الممكن اعتبارها استجابة للنمو الإسرائيلي في المنطقة وقلق السعودية بخصوص الضمانات الأمنية الأمريكية”. بدوره، يعتبر سيد علي ضياء جعفري من مركز أبحاث الأمن والاستراتيجية والسياسات أن الاتفاقية تعتبر “إشارة” من السعودية لتنويع مصادر أمنها، بينما تعكس باكستان “أهميتها المتزايدة في بنية الأمن الإقليمي.

العناصر النووية

ترتبط هذه النقطة بأبعاد حساسة، حيث يُطرح تساؤل حول إمكانية استفادة السعودية من القوة النووية الباكستانية كدرع ضد المخاطر المحتملة من إيران، المتهمة بالسعي نحو تطوير سلاح نووي. إذا تحقق ذلك، فإنها ستكون سابقة غير مألوفة، حيث أن عددًا قليلاً من الدول يوفر مظلة نووية لحلفائه. ورغم التصريحات المبدئية لبعض المسؤولين السعوديين والباكستانيين، لا يوجد تأكيد رسمي حتى الآن. وقد جاء في حديث أحد القادة العسكريين السعوديين لوكالة فرانس برس، الذي طلب عدم الإفصاح عن اسمه نظرًا لحساسية الموضوع، أن الاتفاقية تتضمن “وسائل تقليدية وغير تقليدية”، مشيراً إلى احتمالية تضمين الأسلحة النووية الباكستانية. بينما يؤكد المحلل علي الشهابي المقرب من الحكومة السعودية أن “الطاقة النووية تشكل جزءًا من الاتفاقية”، يظهر تشكك بعض المحللين الآخرين في ذلك. يقول جعفري إن “العقيدة النووية لباكستان تركز دائماً على الهند فقط”، فيما يؤكد برونو تيرتريه من مؤسسة الأبحاث الاستراتيجية في فرنسا أن “تفاصيل أي اتفاق محتمل حول هذا الشأن ستظل غامضة، كونها جزءًا من استراتيجيات الردع”.

ردود الفعل في الأزمات

تبقى التزامات السعودية في حال حدوث أزمة بين الهند وباكستان أيضاً غير واضحة. تعبر لونس عن شكوكها بقولها “هل ستدخل السعودية في تصعيد بين الدولتين؟ يبدو غير مرجح، لأن ذلك يتعارض مع دبلوماسيتها التي تعتمد على الاصطفافات المتعددة”. وتضيف “من المحتمل وجود عدة بنود استثنائية في الاتفاقية غير المعلنة”. يعتقد وايت أن “أي تصعيد جديد بين الهند وباكستان سيختبر فعالية هذه الاتفاقية سريعًا” ويشير إلى أن “الرياض، لتحقيق مصالحها التجارية، قد تميل للبقاء على الحياد مع تطلعها في الوفاء بالتزاماتها تجاه باكستان، لكن الحفاظ على هذا التوازن سيكون أكثر صعوبة في السياق الحالي”.