وفاة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ: ثالث مفتٍ في تاريخ المملكة العربية السعودية

رحيل الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي عام السعودية

رحل الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، المفتي العام للمملكة العربية السعودية، عن عمر يناهز 82 عامًا، قضى جزءًا كبيرًا منها في خدمة العلم والدعوة والإفتاء، حيث أسهم بعطاءاته الجليلة في نشر الإسلام وتعليم المسلمين على مر العقود. أعلن الديوان الملكي السعودي عن وفاته يوم الثلاثاء، وقد أديت صلاة الجنازة على جثمانه في جامع الإمام تركي بن عبد الله بالرياض، كما أقيمت صلاة الغائب عليه في الحرم المكي وفي المسجد النبوي الشريف وجميع مساجد المملكة بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز. وقد عبّر العديد من قادة المؤسسات العربية والإسلامية عن بالغ حزنهم لفقدان الشيخ عبد العزيز، مقدّمين التعازي لأسرته ولقيادة المملكة، مشيدين بعلمه وعطاءاته خلال مسيرته الطويلة.

الشيخ عبد العزيز آل الشيخ وتاريخه العريق

ولد الشيخ عبد العزيز آل الشيخ في نوفمبر من عام 1943 في مكة المكرمة، ونشأ يتيماً بعد فقدان والده في سن مبكرة، لكنه لم يحِد عن مساره العلمي بل بادر بحفظ القرآن في سنٍ صغيرة على يد معلمه. التحق بدراسة العلوم الشرعية على يد كبار العلماء الذين كان منهم من سبقوه في منصب المفتي العام، مثل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ والشيخ عبد العزيز بن باز. وبالرغم من فقده لبصره في العشرينيات من عمره، إلا أنه واصل مسيرته التعليمية بنجاح، حيث حصل على تعليم نظامي في معهد إمام الدعوة وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

تدرج في الوظائف التعليمية، بدءًا من تدريس الطلاب في المعهد قبل أن ينتقل إلى كلية الشريعة، إلى جانب عمله في الإمامة والخطابة، ليتولى أخيراً خطابة عرفة، المسؤولة التي تميّزه بجزالة في الطرح. في عام 1402هـ، أصبح إمامًا وخطيبًا في المسجد الشهير، وواصل إلقاء خطبته الفرعية لمدة تجاوزت 35 عامًا. في عام 1416هـ، عُيّن مفتيًا عامًا للمملكة، ورئيسًا لهيئة كبار العلماء ورئاسة البحوث العلمية والإفتاء.

كان الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مثالاً للوسطية والاعتدال، حيث كرس حياته لخدمة العلم والفتوى، معززًا مبادئ الحكمة والتسامح والعمل بمقتضى روح الدين. اعتُبر مرجعًا للعديد من الطلبة والعلماء، تاركًا إرثًا علميًا ودعويًا يعد من الثروات القيمة، مما يعكس مدى تأثيره المستمر في الحياة الدينية في السعودية والعالم الإسلامي.