“الأدوية: سلاح جديد في صراع القوى الكبرى على الساحة السياسية” – أخبار السعودية

تسييس الأدوية: تأثيرها على الثقة العلمية

تجاوز الإعلان عن اكتشاف أدوية جديدة أو لقاحات مبتكرة الساحات العلمية، ليصبح ساحة صراع إعلامي وسياسي بين الدول الكبرى، التي تتنافس على إثبات قوتها العلمية. على سبيل المثال، أعلنت روسيا مؤخرًا عن لقاح جديد للسرطان، بينما قدم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب علاجًا محتملًا للتوحد، مما أثار جدلاً علميًا وصحيًا يكشف عن استخدام السياسة للأدوية.

توظيف الأبحاث العلمية

في روسيا، كشف معهد “غماليا” عن لقاح يستخدم تقنية MRNA، والذي أُطلق عليه اسم “Enteromix”، مدعيًا تحقيقه نتائج أولية واعدة بنسبة فعالية مرتفعة ضد أنواع معينة من الأورام. ورغم الدعاية الكبيرة المحيطة بهذا الإنجاز، حذر عدد من العلماء البارزين من الاستبشار الزائد قبل نشر نتائج التجارب السريرية في مجلات علمية معروفة، مشيرين إلى أن فعالية اللقاح على البشر لم تثبت وأن البيانات المتوفرة حالياً لا تزال ضئيلة.

من جهة أخرى، أثار ترامب جدلًا كبيرًا عندما ناقش العلاقة المحتملة بين استخدام “الباراسيتامول” أثناء الحمل وزيادة مخاطر الإصابة بالتوحد، مشيرًا إلى ضرورة تعديل التحذيرات الموجودة على عبوات الدواء وملوحًا بعلاج جديد يسمى “ليوكوفورين”. قوبلت هذه التصريحات بتشكيك من البعض، حيث أكدت دراسات من جامعات مرموقة مثل ييل وهارفارد أن العلاقة بين “الباراسيتامول” والتوحد غير مثبتة كعلاقة سببية، وأن أي تغييرات في التوصيات العلاجية بناءً على بيانات غير حاسمة قد تضر بصحة النساء الحوامل وأطفالهن.

لم تتأخر المنظمات الصحية العالمية في التعبير عن موقفها، حيث أكدت منظمة الصحة العالمية أن الأدلة الحالية غير حاسمة بشأن أي علاقة سببية بين “الباراسيتامول” والتوحد، في حين أكدت وكالة الأدوية الأوروبية على سلامة استخدام هذا الدواء عند الحاجة خلال فترة الحمل. تعكس هذه المواقف حرص الهيئات الدولية على تجنب تسييس القضايا الصحية وتعزيز أهمية الشفافية والاعتماد على الأبحاث الموثوقة قبل اتخاذ قرارات قد تؤثر على الصحة العامة.

تؤشر هذه الإعلانات المتزايدة على تساؤلات محورية: هل أصبحت الأدوية ساحة لتصفية الحسابات واستعراض النفوذ؟ الواضح هو أن العلم تحول إلى عنصر من عناصر القوة الناعمة التي تستخدمها الدول الكبرى، لكن التحدي الأكبر يكمن في تأثير هذه التوترات على ثقة الناس في العلم وقراراتهم العلاجية. كلما أصبحت المختبرات منصات دعائية، زادت مخاطر لبس الأمور وفقدان الثقة. لذا، من الضروري أن تلعب المنظمات الصحية الدولية دورًا نشطًا في تثبيت الحقائق وحماية المعرفة العلمية من التأثيرات السياسية.

أخبار ذات صلة