جريدة البلاد: فنون بصرية تعزز الهوية الوطنية

إعادة صياغة السرد الوطني في اليوم الوطني السعودي

أصبح “اليوم الوطني” السعودي مناسبة تتيح صياغة سردية حديثة وواقعية تتجنب المبالغة، حيث يعرض إنسان هذه الأرض إنجازاته. يتجلى التنوع المجتمعي من خلال الأزياء التقليدية، والقصائد، والفيديوهات الوطنية، فضلاً عن السرديات التاريخية الموثوقة، والاحتفالات الفنية والثقافية. كل هذه العناصر تساهم في مشروع أكبر وهو بناء العلامة الوطنية للسعودية الحديثة.

ابتكار السرد الوطني

يمكن اعتبار العمل البصري القصير “صليب الراس” الذي أطلقته مبادرة “كنوز السعودية” التابعة لوزارة الإعلام بمناسبة اليوم الوطني الـ 95 بمثابة تجسيد لرؤية وطنية تهدف إلى إعادة صياغة الرواية المحلية عبر أدوات حديثة ومشاهد جذابة. هذا العمل يمزج بين التاريخ، والشعر، والصورة بأسلوب سينمائي وتقنيات متقدمة، مما يجعله يتجاوز البعد الاحتفالي ليكون جزءًا من مشروع أوسع يستهدف إدماج الجيل الجديد بهويته السعودية، ويشجعه على المشاركة في بناء الدولة المدنية الحديثة، التي تستند إلى تاريخ ثري من الإيثار والتضحية والشجاعة.

لقد تم توظيف النص الشعري المستعاد من الشاعر فهد بن دحيم في إطار بصري ملحمي، حيث نجح هذا القالب في توصيل الرسالة بشكل يتناسب مع الأجيال الشابة، ويعكس رغبتهم في التواصل مع التراث. كما أنه يخاطب المتلقي الأجنبي في ذات الوقت. بهذا الشكل، تصبح القصيدة التراثية جزءًا من خطاب وطني يعكس السعودية كدولة ذات جذور متينة وأدوات حديثة.

هذا النوع من المقاربات غير التقليدية ليوم الوطن حقق رواجًا واسعًا بين النشء الجديد، حيث أشارت بعض الإحصائيات الحديثة إلى أن بعض الحملات الوطنية سجلت 13 مليون مشاهدة و28.5 مليون تفاعل عبر المنصات الرقمية. وهذا يدل على أن المحتوى الوطني يحظى بتفاعل إيجابي حتى من قبل غير السعوديين في الخارج، الذين يرغبون في التعرف على التغيرات المتسارعة التي تمر بها البلاد.

تتمثل الرسالة الأساسية لهذه الأعمال في كونهما مزدوجة: فهي من جهة تحفز الشباب على الفخر بهويتهم والمشاركة في عملية الإصلاح والتنمية، ومن جهة أخرى تعكس السعودية كدولة حديثة منفتحة تسعى للمنافسة في عالم الأفكار والصور. هذا يمثل جزءًا من “الدبلوماسية” الثقافية التي تهدف إلى تعزيز التأثير السعودي في الساحة الدولية.