الاعتدال الخريفي وأثره على الطبيعة
يشهد العالم العربي والدول الواقعة في نصف الكرة الشمالي اليوم بداية فصل الخريف فلكيًا، حيث وقع الاعتدال الخريفي في تمام الساعة 9:19 مساءً بتوقيت مكة المكرمة. يحدث هذا الحدث الفلكي عندما تتعامد الشمس على خط الاستواء، مما يستدعي حركة الشمس الظاهرية نحو الجنوب. ويعتبر هذا التوقيت هو النهاية الرسمية لفصل الصيف، ليبدأ فصل الخريف حيث تتساوى تقريبًا ساعات الليل والنهار، ويمكن ملاحظة التغير في زاوية سقوط أشعة الشمس في معظم دول المنطقة.
بداية الخريف ودلالاته الفلكية
أوضح رئيس الجمعية الفلكية بجدة، المهندس ماجد أبو زاهرة، أن الاعتدال الخريفي يحدث نتيجة لدوران الأرض حول نفسها وعلى محور مائل بزاوية 23.5 درجة، مما يعتبر يومًا استثنائيًا من المنظور الفلكي. وفي هذا اليوم، تشرق الشمس من نقطة الشرق الأصلية وتغرب من نقطة الغرب الأصلية، وهو مشهد يحدث فقط في الاعتدالين الربيعي والخريفي بشكل سنوي.
على الرغم من حديث العلماء عن تساوي الليل والنهار، إلا أن أبو زاهرة أشار إلى أن النهار يكون أطول بنحو ثماني دقائق بسبب ظاهرة الانكسار الجوي. تؤدي هذه الظاهرة إلى رفع موقع الشمس عند الأفق قليلاً، مما يجعل الشروق يبدو أبكر والغروب يتأخر، كما أن تأثيرها يتباين وفقًا للحرارة والرطوبة والضغط الجوي.
وخلال السنوات المختلفة، قد يبدأ فصل الخريف بين 21 و24 سبتمبر، نتيجة للفارق البسيط بين طول السنة الشمسية وطول السنة في التقويم الميلادي. ويتم معالجة هذا الفارق عبر السنوات الكبيسة، إلا أنه قد يؤدي إلى انزياح طفيف في مواعيد الاعتدالين والانقلابين، وهو ما لاحظه العلماء على مر السنين.
بعد يوم الاعتدال الخريفي، تبدأ ساعات النهار بالتناقص تدريجيًا شمال خط الاستواء، بينما تطول ساعات الليل، مما يؤثر على أنماط الطبيعة وأنشطة البشر. ويرى الفلكيون أن هذا التغيير لا يقتصر على الضوء فقط، بل يمتد ليشمل الأقمار الصناعية والألواح الشمسية ووسائل الاتصالات.
كما تشرع الطيور المهاجرة بالتحرك نحو الجنوب بحثًا عن الدفء والغذاء، وهو سلوك قديم مرتبط بدخول فصل الخريف. ومع حلول شهر أكتوبر، ستبدأ الشمس في الإشراق من الأفق الجنوبي الشرقي والغروب من الجنوبي الغربي، مما يعكس استمرار انخفاض ساعات النهار.
في مناطق القطب الشمالي، تبدأ الأجواء في البرودة بالتدريج، بينما يتجه الجليد نحو الانحسار في القطب الجنوبي استعدادًا لانقلاب الفصول. تؤكد هذه الدورة الموسمية التناغم الدقيق بين ميل محور الأرض وحركتها المدارية حول الشمس، مما يحافظ على التوازن البيئي على كوكبنا.
وفقًا للتقديرات، سيستمر فصل الخريف هذا العام لمدة 89 يومًا و20 ساعة و43 دقيقة، لينتهي مع الانقلاب الشتوي في 21 ديسمبر المقبل. يمثل الاعتدال الخريفي تذكيرًا بأهمية الملاحظات الفلكية التي وضعها العلماء منذ آلاف السنين، والتي لا تزال صالحة لتفسير الظواهر الحالية. يعزز هذا التواتر الفلكي وعي الإنسان بعلاقته بالكون، ويبرز أن مواسم السنة ليست مجرد تواريخ في التقويم، بل هي تعبير عن حركة كوكب الأرض في رحلته الأبدية حول الشمس.
تعليقات