الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية المستقلة
في خطوة تاريخية تُعتبر انتصارًا للعدالة الدولية وحق الشعب الفلسطيني الذي تعرض للظلم لمدة تزيد عن سبعة عقود، أقدمت عدة دول كبرى على الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة. هذا الإجراء يمثل بداية فصل جديد في مسار النضال الفلسطيني، ويجسد نجاح الدبلوماسية المصرية التي وضعت هذا الهدف في مقدمة أولوياتها وسعت إلى تشجيع جميع الدول على اتخاذ هذه الخطوة.
الاعتراف بالدولة الفلسطينية كحق أساسي
يشير المراقبون إلى أن هذا التطور الإيجابي، خاصة من قبل الدول الغربية، يُعتبر أحد ثمار دبلوماسية القمة التي ينتهجها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي. فقد قامت مصر بتحركات مكثفة في المحافل الدولية، مستفيدة من كافة الوسائل لحشد الدعم للاعتراف بدولة فلسطين. وقد كان الرئيس السيسي متواصلًا في دعوته المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية في الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، مشددًا على أن حل الدولتين يُعتبر السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط. وقد تم تحذير المجتمع الدولي من أن تجاهل هذا الحق سيؤدي إلى المزيد من التوتر وعدم الاستقرار.
كما أن استقبال الرئيس السيسي لعدد من القادة والمسؤولين الدوليين منذ بداية الحرب في قطاع غزة، وتقديمه لهم معلومات عن حجم الكارثة الإنسانية هناك، كان له تأثير كبير في نشر الوعي حول ما يحدث، وكشف الممارسات الإنسانية السيئة التي يتعرض لها سكان غزة.
وقد عُقد مؤتمر “حل الدولتين” في نيويورك بدعوة من فرنسا والمملكة العربية السعودية، في إطار الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث شهد المؤتمر اعتراف عدد من الدول بدولة فلسطين، مما سمح بزيادة الزخم الدولي وتأكيد التأثير الإيجابي الذي أحدثته زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر في وقت سابق. فقد مكنت تلك الزيارة الرئيس الفرنسي من مشاهدة المآسي بشكل مباشر، وهو ما أسهم بشكل كبير في تسريع موقف فرنسا تجاه الاعتراف بفلسطين.
من جانب آخر، جاء اعتراف بريطانيا بالدولة الفلسطينية المستقلة كخطوة جذرية تعكس تحولا في موقف دولة كانت مرتبطة تاريخياً بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، إذ أنها كانت قد أصدرت “وعد بلفور” الذي سهل قيام إسرائيل. اعتراف بريطانيا بفلسطين يظهر وعيا أكبر بحجم الفرص الضائعة لتحقيق السلام، كما يعكس إدراكًا متزايدًا للحاجة إلى ردع سياسات الاحتلال.
يمكن القول إن أي إجراءات انتقامية قد تُقدم عليها “تل أبيب” نتيجة للاعتراف الدولي لفلسطين لن تؤدي إلا إلى تعميق عزلتها. وقد زاد الوعي الدولي بشأن الانتهاكات التي تعرض لها الشعب الفلسطيني خلال السنوات الأخيرة، مما يعزز الدعوات لمحاسبة حكومة نتنياهو. وفوق ذلك، فإن استمرار هذه الانتهاكات سيؤدي إلى ضغوط متزايدة على إسرائيل، حيث يتوقع أن يتم تعزيز الرغبة في تحقيق حل الدولتين.
في ظل استمرار العنف وعدم اتخاذ المجتمع الدولي إجراءات فعالة، يتعين على مصر أن تبقى ملتزمة بدعم القضية الفلسطينية، وستواصل حشد الجهود الدولية لتعزيز دورها في دفع مسار السلام، مرضية بذلك حلم الشعوب العربية وكل محبي الحق والسلام في العالم من أجل قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
تعليقات