تمكين المرأة السعودية ودورها التاريخي
كشفت الباحثة في الأدب والتاريخ الدكتورة غدير الثبيتي أن المرأة السعودية لم تغب يوماً عن المشهد الاجتماعي، بل كانت دائماً الركن الأهم في الأسرة والمجتمع، الراوية الأمينة للقيم والتاريخ. في ظل رؤية 2030، تحول تمكين المرأة من فكرة إلى واقع ملموس يمكن مشاهدته في جميع القطاعات، مما لا يقتصر على أصالتها، بل يعيد تقديمها للعالم. ومن الأمثلة على ذلك، غالية البقمية، التي جسدت هذه القيم على أرض الواقع، في مواقف بطولية خالدة، لتصبح نموذجاً للمرأة التي كسرت كل الصور النمطية وأثبتت أن الأصالة تجسد في الفعل والقرار والموقف.
المرأة القائدة في التاريخ السعودي
أوضحت الدكتورة الثبيتي أن غالية بنت عبدالرحمن بن سلطان البقمي، التي عاشت في أوائل القرن الثالث عشر الهجري، برزت خلال فترة حرجة من تاريخ الدولة السعودية الأولى، خاصة أثناء الحملة العثمانية على نجد. ووصفتها بأنها لم تكن مجرد امرأة من بيت كرام، بل كانت قائدة ملهمة وصاحبة تأثير ملحوظ على مجريات الحرب والسياسة. في عام 1226هـ، وعندما اقتربت الحملة العثمانية من منطقة تربة، وقفت غالية لتحرض وتنظم وتراقب وضع الخطط، وتوزيع المؤن، وتحفيز المقاتلين. كان هذا من أندر المشاهد في التاريخ، حيث وقفت امرأة بدوية في وجه جيش نظامي مدجج، حتى أن الجنود العثمانيين ظنوا أنها ساحرة نظراً لدهشتهم بقدرتها على صدهم، مما جعلها تستحق لقب “المرأة الحديدية”.
أضافت الدكتورة الثبيتي أن الكرم السعودي يمتد عبر الأجيال، حيث يعتبر معدناً أصيلاً قد لا يتغير مع الزمن، وذكرت شخصية حجرف بن عياد الذويبي الذي عاش في القرن الثالث عشر الهجري، حيث أصبح رمزاً للكرم والشجاعة. لقد كان كرم حجرف غير محدود، يتجلى في كافة مجالات الحياة. وتظهر القصص التي تروى عنه كيفية ذبح الأغنام أو التضحية بالممتلكات لخدمة الضيوف أو مساعدة المحتاجين.
إن القيم المترسخة في المجتمع تظهر بوضوح من خلال الضيافة والتكافل والمبادرات التطوعية التي شكلت جزءاً أساسياً من رؤية 2030. يتم ترجمة هذا التكافل الاجتماعي إلى أفعال ملموسة تدعم المجتمع وتعزز اللحمة الوطنية. وفي النهاية، أكدت الدكتورة الثبيتي أن المجتمعات الأصيلة هي التي تحافظ على إرث قيمي متين يثري الحاضر ويمنح المستقبل معناه. حيث يحمل المجتمع السعودي عبر تاريخه منظومة متكاملة من القيم والتي تعكس الأصالة وتساهم في تعزيز الهوية الوطنية.
لقد ساعد التراث الشعبي السعودي في تشكيل هذه الهوية، وتجلى ذلك في الفنون والعادات التي تعكس أصالة المجتمع وتماسكه. ومع رؤية المملكة 2030، تم إحياء هذه الأصالة وتوجيهها نحو التنمية، مما يعكس تميز مكانة المملكة على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
تعليقات