الاتفاق العسكري السعودي الباكستاني وتأثيره على التوازن الإقليمي
بلا شك، يعيد الاتفاق العسكري بين السعودية وباكستان ترتيب مفهوم “القوة والردع” في منطقة الشرق الأوسط، التي شهدت حالة من الفوضى لعقود نتيجة لسوء تقدير القوى الكبرى أو تهورها. هذا الاتفاق سيؤسس لتوازن للقوى الذي فقدته المنطقة منذ ثلاث سنوات بعد أحداث السابع من أكتوبر، تلك اللحظة التي أدت إلى حالة من الفوضى العارمة التي لم يتمكن أحد من السيطرة عليها حتى الآن.
تحالفات عسكرية وتأثيرها على الأمن الإقليمي
من الواضح أن الأحداث الراهنة في الإقليم تكشف عن تفكير غير منطقي يسعى لفرض الهيمنة أو الابتزاز الأمني، وذلك نتيجة للاضطراب والفوضى السائدة. وعند التدقيق، نجد أن الكثير من هذه الأعمال هي مجرد إعادة تدوير للأسلحة قديمة الطراز أو استيراد لنماذج حضارات وانتهت فاعليتها. لذلك، كان من المنطقي جداً للسعودية أن تطور تحالفاً عسكرياً مع باكستان، خاصة أن المملكة لطالما كانت حاضنة للعالم الإسلامي منذ أول قمة إسلامية في مكة عام 1926، والتي دعا إليها الملك عبد العزيز.
هذه اللحظة تعكس ضرورة إنشاء تحالفات عسكرية إسلامية، خصوصاً بعد تأسيس التحالف الإسلامي العسكري عام 2015، الذي أعلنه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بهدف توحيد الجهود الإسلامية في مواجهة الإرهاب، حيث تشكل السعودية وباكستان عماد هذا التحالف.
تدرك الرياض تماماً المخاطر التي تواجهها المنطقة والسعودية بشكل خاص، في ظل أطماع القوى الكبرى ومحاولات الفاشلين اقتصادياً والنزعات الحضارية البائدة. كما أن المنظمات الإرهابية التي تعمل كمقاول من الباطن لدول معادية لا تزال تستهدف المملكة منذ عقود وقد كانت لها محاولات اعتداء سابقة.
جاء الإعلان عن التحالف العسكري السعودي الباكستاني في وقت حساس للغاية، حيث تشهد المنطقة حركة سيولة كبيرة وصراعات معقدة. على مدار الثلاث سنوات الماضية، شهدنا كيف انحدر الاستقرار بسبب حادثة واحدة، مما حول المنطقة إلى ساحة حرب كبرى، ومن المتوقع أن تستمر الفوضى لفترة قادمة.
المنطق السياسي يؤكد أن الاعتماد على بعض التنظيمات قد يؤدي إلى نتائج عكسية، حيث تنفلت تلك الفصائل من قبضة مشغليها، مما يعود عليهم بكوارث وأزمات. وبفضل اتفاق التعاون العسكري الجديد، أصبحت باكستان جزءًا من الإقليم العربي ويمثل ذلك تحولًا جوهريًا في المعادلات الاقتصادية والتنموية في المنطقة.
الاتفاق يشكل قوة ردع ستدفع الأعداء للتفكير ملياً قبل اتخاذ خطوات متهورة، مما يساهم في استقرار أكبر في الشرق الأوسط.

تعليقات