زمن القوة وتحولات القيم
يُعتبر الزمن الحالي زمن القوة بدلاً من العدل وحقوق الإنسان. لقد ارتبكت المفاهيم الفلسفية وتزعزعت القيم في ظل هيمنة القطب الواحد، مما يؤدي إلى عدم استقرار العالم حتى تتحقق تعددية الأقطاب. لا أريد أن أستعجل في القول إن الأحداث السياسية والاقتصادية غير المتوازنة التي ينجم عنها القطب الواحد ستساعد في ظهور قوى جديدة تسعى لإعادة التوازن، سواء عبر تقوية نفسها أو التحالف مع قوى أخرى تتقارب معها في المصالح.
التوازن في الحياة الاجتماعية والاقتصادية
تقوم سنة الحياة على مبدأ التوازن، وإذا ما استشرى نفوذ قوة واحدة لفترة معينة، فلن يدوم ذلك طويلاً، حيث ينشأ الخلل في التوازن. هذا المبدأ ليس مجرد مفهوم ديني، بل هو أساس لكافة جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والأمنية. أي خلل يصيب هذا التوازن يتطلب تدخل الظروف لعودة الاستقرار من خلال خلق بيئة تعيد التوازن للحياة.
الأحداث العالمية تشير بوضوح إلى استياء الدول الأوروبية والشرقية من تصرفات القوة الوحيدة التي تؤدي إلى نوع من العبودية، وهو أمر لا يمكن أن يستمر، لأن دورة الحياة ترفض ذلك. فمهما طالت فترة استبداد القوة المنفردة، فلن تدوم، إذ تسعى كل دولة إلى رفع الظلم عنها. وكلما تعاظمت قسوة هذه القوة، كانت نتيجتها العكسية، حيث تدفع المتأثرين إلى تشكيل تحالفات لحماية وجودهم. إن القوة الوحيدة لديها فترة زمنية افتراضية تقترب من نهايتها نتيجة تصرفاتها غير المتوافقة مع ظروف الدول الأخرى القريبة من قوتها.
كما أن القوة المستبدة تؤدي إلى انهيار قوتها بنفسها، لأن أفعالها تكون بمثابة بذور الموت لوجودها. التجارب التاريخية تثبت أن القوة الوحيدة لا تستمر طويلاً، ويتم سحبها إلى صفحات التاريخ. بالطبع، سيُسجل التاريخ ما فعلته، لكن العالم يتجه نحو أفق جديد وعالم مختلف.
أخبار ذات صلة

تعليقات