قد لا يترك المؤتمر المزمع انعقاده خلال الأيام القليلة المقبلة على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي تقوده المملكة العربية السعودية وفرنسا، تأثيرًا ملموسًا على الأرض. إلا أنه يُعتبر حدثًا تاريخيًا حيث يجمع لأول مرة هذا المستوى من الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، وخاصة من دول غربية رئيسية كانت قد تجاهلت سابقًا حقوق الشعب الفلسطيني في الحصول على دولة مستقلة ذات سيادة على أراضيه التاريخية، خاصة الأراضي المحتلة عام 1967. في ظل الظروف الصعبة والمأساوية التي يمر بها الشعب الفلسطيني وقضيته، تمثل هذه الاعترافات، وإن جاءت متأخرة، بارقة أمل في ظلام القضية الفلسطينية، التي تتعرض لاعتداءات وحروب إبادة غير مسبوقة وانعدام للدعم الدولي، لا سيما في قطاع غزة بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023 التي استخدمتها الحكومة الإسرائيلية كذريعة لزيادة الضغط على الفلسطينيين بهدف إنهاء القضية الفلسطينية وتقويض حل الدولتين.
الاعترافات الدولية والعراقيل الأميركية – الإسرائيلية
بالتالي، فإن الاعتراف بدولة فلسطين يمنح بعضًا من حقوق الشعب الفلسطيني الذي عانى لعقود من الاحتلال والتنكيل، ويعتبر أحد آخر مظاهر التمييز العنصري في العالم. ورغم التشكيك الأمريكي والإسرائيلي، فإن اعتراف أكثر من 150 دولة بحق الشعب الفلسطيني في تأسيس دولة مستقلة تعيش بسلام جنبًا إلى جنب مع إسرائيل يعتبر خطوة تاريخية نحو تحقيق الاعتراف الحقيقي بحقوق الفلسطينيين. وفي الوقت نفسه، يواصل نتنياهو وحكومته اليمينية محاولاتهم لتقويض القضية الفلسطينية، وذلك عبر الممارسات المتمثلة في بناء المستوطنات والضم، مما يجعل الضفة الغربية منطقة غير متصلة.
هذه الأحداث تتزامن مع دعم الإدارة الأميركية الحالية، مما يشكل عائقًا حقيقيًا أمام تحقيق حلم الفلسطينيين في بناء دولتهم، رغم المبادرات المشجعة التي تقدمها دول عديدة تتبنى مواقف أكثر استقلالية في اعترافها بدولة فلسطين. تعمل الدبلوماسية السعودية، بدعم فرنسي، على تعبئة الدعم الدولي غير المسبوق للاعتراف بدولة فلسطين على خلفية التاريخ الاستعماري البريطاني الذي ساهم في نشوء المشكلة الفلسطينية.
المسار الدبلوماسي السعودي والمواقف العربية
وعلى الرغم من التحديات السياسية والعسكرية التي يواجهها الشعب الفلسطيني، يأتي هذا الاعتراف الدولي كخطوة تمهيدية نحو بناء أساس دولي لإقامة دولة فلسطينية على جزء من أراضيها التاريخية. قد تشكل هذه اللحظة بداية لتحقيق طموحات الشعب الفلسطيني في تأسيس دولته المستقلة، في حين تنتظر المنطقة مزيد من الخطوات العملية نحو تحقيق هذا الهدف التاريخي.
إن الدبلوماسية التي تتبناها المملكة العربية السعودية، إضافة إلى مواقف قوية من كل من جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية التي ترفض تهجير سكان غزة والضفة، قد تكون أكثر فعالية من أي خطوات تتخذها دول أخرى تستغل القضية الفلسطينية لأغراض سياسية لا تعكس تطلعات الشعب الفلسطيني نحو الاستقلال وتحقيق أحلامهم في دولة ذات سيادة.
تعليقات