الارتباك في النظام التعليمي
أطلَّ العام الدراسي الجديد، واستقبلناه بقلوب مليئة بالتوجس وأرواح تتوق إلى بداية هادئة ومستقرة. وإذا بنا نتفاجأ بتدفق مستمر من الأدلة واللوائح والأنظمة التي تنهال علينا مثل موجٍ عارم، فلا يكاد العاقل يستوعب البداية حتى تطرق عليه أبواب التنظيمات الجديدة. في زمنٍ لا يتجاوز أيامًا قليلة، لا توفر للعقول الفرصة للتأمل، ولا للمدارس الحظ للتطبيق المتوازن.
منذ بداية الأسبوع الأول، تباينت الأدلة التنظيمية في أيدينا، ثم تلتها الأدلة الإجرائية، ثم أنظمة الحضور، وأخرى للاختبارات الجديدة، وهكذا دواليك؛ إنها سباق مرهق يستهلك الطاقات ويشتت الأذهان.
الاضطراب في التعليم
أصبح المعلمون في سباق مُرهق، يركضون وراء التعليمات، ولا يكادون يدركون غاياتهم قبل أن تُستبدل بأخرى جديدة. وكأن العام الدراسي لم يُفتَح للتعليم والتعلّم، بل لملاحقة طوفان الأوراق الذي يتواصل بلا توقف.
أيها المعنيون بالتعليم، نحن لا ننكر جهودكم، ولا نغفل حرصكم على التطوير، ولكن التغيير الفعّال لن يثمر في بيئة متسارعة الاضطراب. نحن بحاجة إلى قراءة متأنية، وتأمل عميق، وتجهيز ينطلق بخطوات ثابتة. فالتعليم ليس سباقًا يُحسب فيه الزمن، بل هو بناء بحاجة إلى التمهّل والتمكين، وإلى التخطيط الذي يأخذ بعين الاعتبار الطاقة البشرية قبل أن يثقل كاهلها بالأعباء المتزايدة.
إننا نطلب من وزارة التعليم أن تأخذ الأمور بروية. امنحونا الوقت لفهم ما بين أيدينا، لنقرأ ونستوعب، ونحوّل ما لدينا من أدلة إلى ممارسات حقيقية في المدارس. دعوا الأوراق تؤتي ثمارها، ولا تتركوا الإصدارات تتكدس قبل أن تُجفّ حروفها في عقول المعلمين والمربين.
المعلم والمعلمة هما العمود الفقري للميدان، ومن حقهما أن يتنفّسا هواء الفهم قبل أن يتحملا عبء التنفيذ. فالتعليم رسالة سامية لا تحتمل العجلة، ومجال لا يُدار بالقرارات المتسرعة بل بالحكمة والتدرج.
رفقًا بنا، فنحن لا نطلب إلا مساحة زمنية تتناسب مع عظمة مهمتنا، ووعيًا يمكننا من فهم ما كُلِّفنا به، لنؤديه بما يليق بطلابنا وبلادنا.

تعليقات