نعيم قاسم: دعوة لتجميد الخلافات مع السعودية

دعوة حوار أمين عام حزب الله: مناورات أم نية صادقة؟

أضحكتني دعوة نعيم قاسم، أمين عام ما تبقى من حزب الله، للحوار مع السعودية و”فتح صفحة جديدة” كما قال. حيث أبدى رغبته في “حوار يجمّد” الخلافات على الأقل في الوقت الراهن، وهذا التصريح يعكس عدم امتلاكه للذكاء والدهاء الذي كان يتمتع به حسن نصر الله. المعنى الضمني للجملة يوحي بأنهم يشعرون بالضعف وقد يحتاجون إلى مصافحة قصيرة لحين استعادة قوتهم لمواجهة خصومهم لاحقًا.

على الرغم من التحديات التي تواجهها المقاومة، كان حسن نصر الله أكثر حذرًا ودهاءً عند صياغة مثل هذه الرسائل. لو كان هو من يتحدث، لربما قال شيئًا مثل “إزالة سوء الفهم” أو “نسعى لمعالجة الأخطاء” أو “نتشاور كإخوة يبحثون عن المصالحة”. هذه العبارات تشير على الأقل شكليًا إلى وجود نيّة جادة للمصالحة، حتى وإن كانت الدوافع الحقيقية مرتبطة بالبحث عن فرصة للنجاة.

أما عبارة “تجميد الخلافات” من قِبَل نعيم، فهي تعكس منطقًا براغماتيًا ضعيفًا تُصاغ به الرسائل. حيث يبدو حديثه أقرب إلى استجداء مرحلي منه إلى مبادرة سياسية ذات رؤية حقيقية تسعى لتحقيق مصالحة دائمة. عبارة “تجميد” تعني اعترافه بأن الخلافات ستظل قائمة ولكن سيتم وضعها على الرف حتى يتمكنوا من استعادة نشاطهم.

من الضروري إدراك أن الأحقاد والخلافات التي يحملونها تتجذر في تاريخ طويل، ومن الصعب علاجها دون مراجعة فكرية جادة لعقيدتهم التي تستند إلى كراهية المخالفين لهم. إن بناء مصالحة حقيقية مع المشروع الخميني في المنطقة يتطلب إعادة تقييم شاملة للخطاب الذي يبرر استهداف الآخر وتكفيره، والبحث الدائم عن وسائل لتعبئة المسلمين ضده. طالما لم يتم ذلك، فإن دعوات مثل تلك التي تأتي من إيران وأتباعها، مثل حزب الله والحوثيين، ستبقى غير جديرة بالثقة وتبدو تكتيكية وسطحية.

تصريحات جدلية في زمن صعب

لا أعتقد أن المملكة العربية السعودية ستتجاهل دعوة نعيم قاسم برحابة صدر، ولكنها أيضًا ليست ساذجة بما يكفي لتقع في مصيدة هذه المناورة. فهي تدرك جيدًا أن هذه الدعوة ليست سوى استراحة محارب ترتدى ثوب المصالحة، بل هي تعبير عن حالة من الهشاشة والاستنجاد في وقت شديد التعقيد. آمل أن تسهم هذه الأحداث في تحقيق فهم أعمق بين الأطراف، بدلاً من تعزيز التوترات القائمة.