ثورة البكتيريا في اليابان: بلاستيك ذاتي التحلل ينهي الاعتماد على البترول!

ابتكارات بيولوجية في صناعة البلاستيك القابل للتحلل

في خطوة قد تُحدث تحولاً جذرياً في صناعة البلاستيك على مستوى العالم، قامت جامعة كوبه اليابانية بالإعلان عن اكتشاف بيولوجي مبتكر يعتمد على بكتيريا معدلة وراثياً لإنتاج مركب يُعرف بحمض البيريدين ثنائي الكربوكسيل. يُعد هذا المركب بديلاً مستداماً وقابلاً للتحلل البيولوجي للاعتماد التقليدي على البترول في صناعة البلاستيك.

تطوير مستدام لمواجهة التلوث البلاستيكي

هذا الاكتشاف، الذي نُشر في مجلة “Metabolic Engineering”، يُعتبر حلاً محتملاً لأزمة التلوث الناتجة عن البلاستيك، حيث ينتج العالم أكثر من 400 مليون طن من البلاستيك سنوياً، ويمتاز معظم هذه الكيمياويات بأنها مشتقة من البترول وغير قابلة للتحلل، مما يشكل تهديداً خطيراً للمحيطات والحياة البرية. يعتمد تصنيع البلاستيك التقليدي، مثل بولي إيثيلين تيرفثالات المستخدم في الزجاجات والملابس، بشكل أساسي على حمض التيريفتاليك المشتق من البترول، مما يجعله عرضة لتقلبات أسعار الوقود الأحفوري، ويُنتج نفايات سامة وانبعاثات غازات دفيئة تُسهم في تغير المناخ.

تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن ما يصل إلى 8 ملايين طن من البلاستيك يُضخ في المحيطات سنوياً، مما يهدد حياة الملايين من الطيور البحرية والأنواع البحرية الأخرى بحلول عام 2050. في اليابان، التي تواجه تحديات بيئية كبيرة نتيجة كثافتها السكانية، أصبحت الابتكارات المستدامة ضرورة ملحة، وتُدعم من قبل ميزانية بحثية هائلة تشمل مليارات الدولارات من وكالة العلوم والتكنولوجيا اليابانية.

قاد فريق من الباحثين في جامعة كوبه، تحت إشراف الأستاذ تسوتومو تاناكا، عملية الابتكار من خلال التركيز على استخدام بكتيريا الإشريكية القولونية المعدلة وراثياً لتحويل الجلوكوز إلى حمض البيريدين ثنائي الكربوكسيل. يتم ذلك عبر مسار أيضي يعتمد على إنزيمات من عملية التمثيل الغذائي للنيتروجين، ليكون إنتاج هذه المركبات أكثر كفاءة وأقل تلوثاً من الطرق السابقة.

نجح الباحثون في تحسين الإنتاجية من خلال إضافة مضادات للأكسدة وتعديل ظروف النمو في المفاعلات الحيوية، مما أدّى إلى زيادة الناتج ليصل إلى سبعة أضعاف السابق دون إنتاج نفايات سامة، ما يعزز الفعالية الاقتصادية والأثر البيئي الإيجابي للعملية. يخطط الفريق لإجراء المزيد من التجارب الميدانية بالتعاون مع شركات رائدة مثل تويوتا وسوني لتبني هذا الابتكار في المنتجات الاستهلاكية. وإذا ما تحقق النجاح، فمن المتوقع أن يُسهم هذا الابتكار في خفض انبعاثات الكربون بنسبة 50% في مجال صناعة البلاستيك وفتح أسواق جديدة للمواد الحيوية تتجاوز قيمتها 100 مليار دولار بحلول عام 2030.