موسكو تستضيف منتدى حول الذكاء الاصطناعي: الطريق نحو مدن أكثر ذكاءً وإنسانية بحلول 2050 مع نموذج نيوم السعودية

مستقبل المدن السحابية في ظل التحولات التكنولوجية

في إطار يعكس تسارع التغيرات العمرانية والتكنولوجية، احتضنت العاصمة الروسية موسكو فعاليات “منتدى المدن السحابية” الذي ناقش مستقبل الحوكمات الحضرية حتى عام 2050. عُقد المنتدى في مركز “Cloud City”، وجمع مجموعة من الخبراء وصناع القرار والباحثين في مجالات الذكاء الاصطناعي والتخطيط العمراني والاستدامة، ليكون منصة فريدة لرؤية مستقبل المدن في زمن الثورة الرقمية.

المدن الذكية والرؤى المستقبلية

منذ البداية، كان واضحًا أن محور النقاش الرئيسي هو الذكاء الاصطناعي. أشار المتحدثون إلى أن مدن 2050 لن تُبنى فقط باستخدام المواد التقليدية بل أيضًا من خلال خوارزميات ذكية تدير الموارد وتراقب الاستهلاك، مما يساهم في تحسين جودة الحياة. وقدّم العلماء تجارب عملية تظهر كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة أنظمة النقل الذكية وزيادة كفاءة الطاقة والتقليل من انبعاثات الكربون.

تمحورت المناقشات حول مفهوم “المدن السحابية”، وهي مدن افتراضية تعتمد على نماذج رقمية متكاملة لكل مدينة فعلية. هذه النماذج لا تقتصر على محاكاة البنية التحتية فحسب، بل تشمل أيضًا بيانات دقيقة عن السكان وأنماط الحياة والاستهلاك. الهدف منها هو تمكين القادة من اختبار السياسات قبل تنفيذها، مما يقلل المخاطر ويعزز فرص النجاح.

ورغم التركيز على التكنولوجيا، أكد المتحدثون أن المدن الذكية تحتاج إلى التركيز على البعد الإنساني. فقد أشار أحد الخبراء إلى أن “الذكاء الاصطناعي قد يساهم في تصميم الشوارع، لكن الإنسان هو من يضيف إليها الحياة”. تم التطرق لقضايا هامة مثل حماية الخصوصية وضمان تكافؤ الفرص، وذلك لتفادي هيمنة الأنظمة الذكية على القرارات الإنسانية.

على هامش المنتدى، تم التعريف بثلاث ركائز رئيسية متوقعة لشكل مدن المستقبل وهي: الحوكمة الذكية باستخدام الذكاء الاصطناعي، التوأم الرقمي المخصص لكل فرد ومبنى، والتكامل بين الإنسان والتكنولوجيا، من خلال استخدام أجهزة ذكية تراعي الصحة العامة.

لم يقتصر المنتدى على استعراض التطلعات المستقبلية، بل تناول أيضًا التحديات المعاصرة التي تواجه المدن مثل تغير المناخ وزيادة عدد السكان. وبيّن المتحدثون أهمية أن تكون المشاريع مستدامة وقادرة على التكيف مع الضغوطات المعاصرة.

برزت أيضًا مشاركة السعودية في المنتدى من خلال عرض مشروع نيوم، الذي اعتبره البعض نموذجًا متميزًا للمدن المستقبلية. وأسهمت التجارب الطموحة مثل نيوم في إبراز قدرة الدول على تحقيق رؤى مبتكرة للمدن الذكية.

مع انتهاء المنتدى، اتفق المشاركون على أن مدن 2050 ستشكل توازنًا بين التقنية والإنسانية، حيث سيكون الذكاء الاصطناعي محورًا لتطوير حياة أفضل، وليس بديلًا عن الإنسان. تم التأكيد على ضرورة التعاون الدولي وأن تبقى التكنولوجيا أداة لخدمة الإنسان.

“منتدى المدن السحابية” في موسكو لم يكن مجرد منصة أكاديمية، بل كان منارة لأفكار واضحة تحدد معالم مدن المستقبل، حيث تمثل كل من الذكاء الاصطناعي والتوأم الرقمي العوامل الأساسية في رسم هذه المعالم. وبينما يتجاوز حديث المستقبل كل الحدود، تسعى مدن كبرى مثل موسكو والرياض وابوظبي ودبي إلى قيادة الساحة نحو التقدم الحضري.