مأساة في المتوسط: مقتل 50 مهاجراً سودانياً في حادثة تهريب في ليبيا

مأساة المهاجرين السودانيين في ليبيا

أعلنت منظمة الهجرة الدولية عن وفاة ما لا يقل عن 50 مهاجراً سودانياً نتيجة حادث حريق اندلع على متن قارب كان يحمل 75 لاجئاً سودانياً بالقرب من سواحل طبرق في شرق ليبيا، ويعتبر هذا الحادث واحداً من أسوأ الكوارث البحرية خلال هذا العام في طريق البحر المتوسط المركزي.

وقع مأساوي يعكس الكارثة الإنسانية

وقع الحادث يوم الأحد 14 سبتمبر، ليكون بمثابة صدمة جديدة لآلاف السودانيين الفارين من النزاع المسلح في بلادهم، وسط اتهامات للحرس الساحلي الليبي بضعف الاستجابة لإنقاذهم. وذكرت منظمة الهجرة الدولية أن القارب، الذي كان يحمل العديد من النساء والأطفال، قد غادر منطقة قريبة من طبرق في محاولة للوصول إلى أوروبا، ولكنه اشتعل فجأة، إما بسبب عطل في المحرك أو محاولة إشعال نار لجذب الانتباه، مما أدى إلى حريق اجتاح القارب وأسفر عن وفاة 50 شخصاً على الأقل، بينما تم إنقاذ 25 فرداً فقط بصعوبة من قِبل الحرس الساحلي.

وأشارت المنظمة إلى أن الضحايا كانوا يفرون من الصراع المستمر في السودان، الذي يعاني من تأثيرات الحرب الأهلية، وأن أغلبهم كانوا محتجزين سابقاً في مراكز احتجاز ليبية تُعرف بظروفها اللاإنسانية، حسب تقارير منظمات حقوق الإنسان. وأوضحت المتحدثة باسم الهجرة الدولية، صوفي روز، أن هذه الكارثة تذكّر بالخطر الكبير الذي تواجهه الرحلات غير الشرعية، حيث يتعرض المهاجرون لاستغلال المهربين في ليبيا التي لم تستقر بعد بعد سقوط نظام القذافي.

تم استعادة الجثث من السواحل القريبة أثناء استمرار عمليات البحث عن المفقودين، بينما ادعى الحرس الساحلي، الذي يتلقّى دعماً مالياً من أوروبا لمكافحة الهجرة، أن القارب تم إطلاقه دون إذن وأن تأخر عملية الإنقاذ جاء بسبب الظروف الجوية، في حين اتهم ناشطون الحرس بـ”التعمد في التأخير”.

يأتي هذا الحادث بعد سلسلة من الكوارث المماثلة قبالة السواحل الليبية في عام 2025، مثل غرق قاربين في يونيو وفقدان ما يصل إلى 60 شخصاً، بما في ذلك سودانيون، وأحد الحوادث في يوليو الذي أسفر عن وفاة 18 مهاجراً واختفاء 50 آخرين. ورغم الجهود الأوروبية لتعزيز الرقابة، يستمر النزوح السوداني، حيث وصل مئات الآلاف إلى ليبيا عبر الصحراء، محاولين العبور البحري رغم المخاطر.

دعت منظمة الهجرة الدولية إلى ضرورة تطوير مسارات هجرة قانونية وآمنة وتحسين ظروف الاحتجاز في ليبيا، محذرة من أن عام 2025 قد يشهد أكبر عدد من الوفيات منذ عام 2017 إذا لم تتغير الظروف الحالية. منذ سقوط نظام القذافي في 2011، تحوّلت ليبيا إلى نقطة عبور رئيسية للمهاجرين الراغبين في الوصول إلى أوروبا عبر البحر المتوسط، نتيجة الفوضى الأمنية والانقسام السياسي.

بحسب تقرير منظمة الهجرة الدولية، فإن عدد المهاجرين في ليبيا يقدر بحوالي 867,055 شخصاً من 44 جنسية مختلفة حتى فبراير 2025، تتركز معظمها في جنسيات من إفريقيا جنوب الصحراء، ويشكل السودانيون النسبة الأكبر (حوالي 43%) من اللاجئين في ليبيا، بسبب الصراعات المستمرة في وطنهم.

بينما أصبحت مدينة طبرق نقطة الانطلاق للعديد من المهاجرين بسبب ضعف الرقابة، سجلت الهجرة الدولية أكثر من 743 حالة وفاة أو اختفاء في البحر المتوسط خلال عام 2025، بما في ذلك 538 حالّة على طريق المتوسط المركزي، مما يعكس الفشل المستمر في جهود منع التهريب، رغم الدعم المقدم للحرس الساحلي الليبي، الذي يُتهم بانتهاكات حقوق الإنسان.