من «رؤية الأمل» إلى «ظلام اليأس»: مأساة مرضى فقدوا أبصارهم بعد عمليات المياه البيضاء بالدقي
فقدان البصر بسبب عمليات غير مأمونة في مستشفى الدقي
في بيوت بسيطة متناثرة بين الجيزة والقاهرة، يجلس العشرات من المسنين، تتعاظم معاناتهم بين الألم واليأس. تتشابه قصصهم: عمليات جراحية لإزالة المياه البيضاء أو تصحيح النظر تتحول إلى كوارث، تنتهي بفقدان البصر. يُعبّر أحدهم عن حالته قائلًا: «كنت أرى جيدًا، لكن استيقظت لأجد الدنيا مظلمة.»
الكوارث الصحية وآثارها النفسية
لم يكن الضحايا، الذين تجاوز أغلبهم سن المعاش، يبحثون إلا عن فرصة لرؤية أوضح. لكنهم واجهوا تكاليف باهظة للدواء وصداعًا دائمًا، ليصبحوا معتمدين تمامًا على الآخرين. يتحدث البعض عن «ميكروبات غامضة» تغزوا أعينهم، وآخرون يتحدثون عن «غرف عمليات ملوثة». بينما يئن المرضى، تتوالى التحقيقات الرسمية، ويبحث الأهالي عن إجابات حول ما حدث داخل مستشفى التأمين الصحي بالدقي، مرددين: «حياتنا انتهت على باب غرفة العمليات».
«دخلت لإزالة المياه البيضاء وخرجت بعين واحدة».. هذه الكلمات تلخص قصة محمد أحمد، رجل في السبعين من عمره، والذي وجد نفسه بعد العملية جالسًا بلا بصر. اختار إجراء العملية يوم 18 أغسطس الماضي thinking أنها ستعيد إليه صفاء نظره. ولكن بعد العملية، بدأت مشكلاته تزداد ولاحظ أنه يفقد بصره تدريجيًا في عينه اليمنى.
تجربته كانت مؤلمة؛ بعد الحجز في المستشفى لفترة، خضع لعملية ثانية في مستشفى آخر، لكنها لم تنجح أيضًا. يعبر محمد عن حالته بأن الأملا انتهى، حيث قال: «لم أعد أرى إلا إصبعين أمامي». هذه الصدمة غيرت تفاصيل حياته اليومية، بعد أن كان يعتمد على نفسه ويمارس أنشطته اليومية بدون مساعدة، أصبح اليوم في حاجة دائمة لمن يساعده.
عطيات حكيم، سيدة ستينية، مرّدت هي الأخرى من مأساة شبيهة. قررت الخضوع لعملية إزالة المياه البيضاء، ولكن بعد التدخل، وجدت نفسها فقدت جزءًا كبيرًا من قدرتها على الرؤية. تُفسر قائلة: «عندما سألت الأطباء عن إمكانيّة نقلي لمستشفى آخر، قالوا لي: لا، عليك إجراء العملية هنا». بالرغم من التحذيرات، لم يكن لديها خيارات كثيرة.
تعيش عطيات الآن في ظلام مطبق، تعاني من عدم القدرة على القيام بأبسط الأنشطة، وباتت الحياة اليومية تتحول إلى عبء. تشعر بأن الأمر لم يكن خطأ فرديًا بل إهمالاً مشهودًا في إدارة المستشفى، متسائلة عن سلامة الإجراءات المتبعة أثناء العمليات.
عندما أكدت لها الأطباء في المستشفى الخاص أن الميكروبات تداخلت في عينها، أدركت حينها أن قرارها كان خاطئًا. كل ما تريده هو الإنصاف وتحقيق العدالة، تشدد على ضرورة محاسبة المتسببين في تلك الكارثة. ليست وحدها من تحمل عبء المعاناة، فالحكايات تتوالى، وكل قصة تضيف قبحًا جديدًا لما تعرض له هؤلاء المرضى.
تستمر التحقيقات لدراسة ملابسات هذه الحالات، مع التأكيد من قبل وزارة الصحة على تقديم الدعم والرعاية الصحية اللازمة للمتضررين، لكن ماذا عن التعويض أو الاعتذار؟ هل ستتلقى هؤلاء الضحايا شيئًا من العدالة؟ ذلك ما يتساءل عنه العديد.
تعليقات