نتنياهو يثير التوتر مجددًا بعد الهجوم المشبوه على الدوحة

تحديات الأمن الإقليمي بعد هجوم الدوحة

لقد أثار الهجوم الإسرائيلي على العاصمة القطرية الدوحة، والذي استهدف اجتماع الوفد التفاوضي لحركة “حماس”، مجددًا تساؤلات حول فاعلية الآليات الإقليمية في التعامل مع التحديات الأمنية والسياسية. إن استهداف دولة خليجية تُعتبر حليفة للولايات المتحدة ووسيطًا رئيسيًا في النزاعات يعد تصعيدًا غير مسبوق، مما يستدعي إعادة تقييم الأدوات الدبلوماسية والأمنية المتاحة للدول في المنطقة.

في خضم هذه الأحداث، تواجه إسرائيل وضعًا داخليًا متوترًا نتيجة ضغط الرأي العام على رئيس الوزراء نتنياهو بسبب الأزمات الاجتماعية والسياسية وقضية الأسرى. هذه الاضطرابات تُعقد المشهد السياسي وتزيد من التحديات التي تعترض سبيل تحقيق السلام في المنطقة، مما يعكس هشاشة الموقف الإسرائيلي.

أهمية الوساطة العربية في الأزمات

دور الوسيط العربي في النزاعات

تاريخيًا، لعبت قطر دور الوسيط في عدد من النزاعات الإقليمية، بدءًا من التفاهمات بين حماس وإسرائيل وصولًا إلى الدور الذي قامت به مع طالبان والولايات المتحدة. ورغم العوائق، لم تفقد الدول العقلانية في المنطقة قدرتها على التحرك لمواجهة هذه الاعتداءات، بل سعت جاهدة لإيجاد حلول سلمية تُعزز مصالح شعوبها وتحافظ على الاستقرار الإقليمي.

في هذا الإطار، برزت السعودية بالشراكة مع فرنسا كلاعب رئيسي في دفع الجهود الدبلوماسية الأممية، مما أسفر عن اعتماد غالبية ساحقة في الأمم المتحدة تؤيد حل الدولتين وتسوية سلمية للقضية الفلسطينية. وهذا الإنجاز يعكس قدرة السعودية على حماية الأمن الإقليمي ودعم الحلول السياسية الفعالة، مما يسهم في تعزيز موثوقيتها بين شركائها الإقليميين والدوليين.

من جهة أخرى، يبرز الجنون العسكري الذي يمارسه نتنياهو كيف يمكن للقوة العسكرية والدعم الخارجي أن يتحولا إلى أدوات للهيمنة، في حين تكشف الأخطاء المتكررة وعدم التقدير الصحيح للواقع السياسي في المنطقة عن الفرص أمام الوسطاء العرب لتعزيز دورهم. تُشير التجارب إلى أن الحلول العسكرية الفردية لن تؤدي إلى الاستقرار بل ستزيد من تعقيد النزاع وتضاعف الكلفة على الشعب الفلسطيني.

اليوم، تظهر أهمية دعم مشروع الدولتين وتثبيت الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، إلى جانب تعزيز الاستقرار في سوريا ولبنان واليمن، مما يساهم في تقليص التأثيرات الخارجية الضارة. إن هذا المسار يعكس نضج السياسة العربية ويؤكد على دور السعودية كدعامة أساسية في التوازن الإقليمي، حيث لا تكتفي بالوساطة أو إصدار البيانات، بل تسعى لتطبيق حلول فعالة تحمي المنطقة من الفوضى المستمرة.

ختامًا، إن الهجوم على الدوحة وما تبعه من توترات يذكّرنا بأن القوة العسكرية وحدها لا تبني الاستقرار، وأن العقلانية والتحالفات الاستراتيجية والقيادة السعودية المتزنة تمثل العناصر الأساسية لضمان استدامة الأمن والسلام في المنطقة.