ثغرات حدودية عراقية تتسبب في تحولها إلى معابر للمخدرات: من أزمة إلى شبكة إقليمية

تجارة المخدرات كتهديد إقليمي في العراق

تعتبر تجارة وتهريب المخدرات اليوم قضية تمتد عبر الحدود وتتجاوز كونها مسألة محلية ترتبط بدولة معينة. تحول هذا التهديد إلى مسألة إقليمية تتطلب استجابة جماعية وتنسيقاً متقدماً. ويعتبر العراق، بسبب موقعه الجغرافي المتميز والحدود الواسعة التي يمتد بها مع ست دول، نقطة محورية في هذا الصراع، مما يزيد من مسؤولياته في تأمين حدوده ضد تحويلها إلى مداخل لشبكات تهريب المخدرات الدولية.

مواجهة تهريب المخدرات: أهمية التنسيق الإقليمي

يؤكد الخبير الأمني العميد المتقاعد عدنان الكناني لموقع “بغداد اليوم” أن محاربة المخدرات لم تعد مجرد قضية داخلية، بل أصبحت تهديداً يستدعي التنسيق الإقليمي الواسع. واعتبرت التقارير الأمنية أن العراق لم يعد فقط ممرًا، بل أصبح جزءًا من شبكة أقليمية معقدة تستهدفه كحقل استثماري وعبور. يأتي ذلك تزامناً مع تحذيرات النائب مختار الموسوي حول وجود نقاط ضعف في الحدود، ولا سيما في منطقة ربيعة، التي تتحول في بعض الأحيان إلى نقاط تهريب غير مراقبة. ويناقش الموسوي التداخل بين الصلاحيات الاتحادية وإدارة المناطق الكردية، حين يشير إلى أن إدارة الحدود من المهام الأساسية للحكومة الاتحادية وفق الدستور.

كما أوضح الموسوي أن الحدود بين ربيعة والقائم تحت السيطرة التامة للقوات الأمنية، لكن الثغرات الحدودية، مثل تلك الموجودة في ربيعة، تشكل تهديداً كبيراً للأمن الوطني. هذه الوضعية تعكس ضعف التنسيق الإداري في بعض المناطق، حيث تتطلب معالجة فعاليات تهريب المخدرات تعزيز التنسيق الداخلي، بجانب تنسيق الجهود الأمنية مع الدول المجاورة.

تتزامن تصريحات الموسوي مع نجاح غير مسبوق في اعتقال تجار مخدرات عبر عملية مشتركة بين العراق والسعودية، إذ تم ضبط 142 كيلوغراماً من مادة الكريستال المخدر. هذا النجاح يوضح فعالية تبادل المعلومات الأمنية وكيف يمكن أن يتحول العراق من ممر للتهريب إلى طرف رئيسي في مواجهة هذه الظاهرة.

يشدد الخبراء على ضرورة إغلاق الثغرات الداخلية التي تسهم في استمرار تهريب المخدرات، مثل تلك التي تحدث في ربيعة، حيث أن التنسيق الخارجي، مهما بلغ من فعالية، يظل عرضة للتراجع ما لم يتم التعامل مع نقاط الضعف الداخلية. من هنا، يتضح أن معالجة مشكلة المخدرات تتطلب جهودًا سياسية تتسم بالتوازن على الصعيدين الداخلي والإقليمي، وتعتبر سلامة العراق من تيارات الجريمة المنظمة في المنطقة أمراً مرتبطاً بشكل وثيق بهذه الجهود.