تساؤلات حول مصير سيولة سوق الأسهم السعودية: أين اختفت؟

استثمار الأموال وتحقيق العوائد

يسعى المستثمرون لزيادة ثرواتهم من خلال تحقيق أعلى عائد ممكن مع تقليل المخاطر. ومع استمرار أسعار الفائدة في ارتفاعها، بدأت البدائل الاستثمارية بعيدًا عن سوق الأسهم السعودية تكتسب جاذبية، مما دفع الكثيرين إلى إعادة تنظيم محافظهم الاستثمارية.

تنويع الخيارات الاستثمارية

يظهر هذا التوجه في ارتفاع نسبة الودائع الزمنية والإدخارية من إجمالي المعروض النقدي في يوليو الماضي، لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2009 وفقًا لبيانات البنك المركزي السعودي. في الوقت نفسه، شهدت السوق المالية “تاسي” انخفاضًا في قيم التداولات، حيث سجلت أدنى مستوياتها خلال 33 شهرًا، مما يشير إلى تفضيل المستثمرين للسيولة في خيارات أخرى.

بلغ إجمالي الودائع الزمنية والإدخارية حوالي 1.1 تريليون ريال، بزيادة قدرها 193 مليار ريال خلال عام واحد. وتشير التحليلات الإحصائية إلى وجود علاقة عكسية بين نمو هذه الودائع وتراجع السيولة في السوق، حيث يمكن تفسير حوالي 25% من تراجع قيم التداول بتزايد الودائع.

تعكس زيادة الودائع بشكل رئيسي تأثير أسعار الفائدة، التي لم تقتصر تأثيراتها على الودائع فحسب، بل تأثرت أيضاً أدوات الدين التي تشهد طلبًا متزايدًا، كما يتضح من حجم الإصدارات لأدوات الدين الاستثماري سواء من الحكومة أو من القطاع الخاص، وخاصة البنوك. كما ارتفعت أصول الصناديق العامة في أدوات الدين وأسواق النقد بمقدار 33.3 مليار ريال خلال عام، وفقًا لبيانات هيئة السوق المالية.

على الجانب الآخر، تراجعت جاذبية الأسهم السعودية نتيجة ارتفاع العائد الخالي من المخاطر، المتمثل في عوائد السندات الحكومية لأجل عشر سنوات، والتي تصل إلى نحو 5%. وفقًا للنظريات المالية، يحتاج المستثمر في الأسهم إلى عائد يتجاوز هذا المستوى لتعويض المخاطر الإضافية المرتبطة بالاستثمار.

تشير تقديرات أستاذ المالية بجامعة نيويورك “داموداران” إلى أن علاوة المخاطرة في السوق السعودي تبلغ 5.6%، مما يعني أن العائد المطلوب على الأسهم يصل إلى 10.6%، وهو ما يعادل مكرر ربحية قدره 9.4 مرة. بالمقابل، يُتداول السوق حاليًا عند مكرر 13.4 مرة استنادًا إلى الأرباح المتوقعة للعام المقبل وفقًا لبيانات “بلومبرغ”.

يعكس هذا الفارق حاجة المستثمرين إلى إما رفع توقعاتهم لنمو أرباح الشركات بحوالي 43% في الفترة المقبلة لتبرير المكررات الحالية، أو أن تنخفض عوائد أدوات الدين إلى مستوى 1.9% لتحسين جاذبية الأسهم بالأسعار الحالية.