التعاون السعودي الإماراتي في مواجهة الأزمات الإقليمية
جاء اللقاء بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد في 3 أيلول/سبتمبر الجاري ليؤكد على مستوى عالٍ من التنسيق يتجاوز الأبعاد الثنائية نحو تعاونٍ أكثر صلابة واستدامة. يأتي ذلك في وقت تتصاعد فيه الأزمات في المنطقة، وخاصة في ظل الحرب على غزة، حيث تتصاعد الدعوات الإسرائيلية للتهجير. في هذا السياق، تتضح الحاجة الملحة لعمل عربي منسق قادرٍ على احتواء هذه الأزمات، وكبح الانزلاق نحو الفوضى، والعمل على تثبيت استقرار المنطقة.
تبرز المملكة العربية السعودية كفاعل رئيسي في سياق العمل الإنساني من خلال “مركز الملك سلمان للإغاثة”، حيث تم توجيه آلاف الأطنان من المساعدات الغذائية والدوائية إلى غزة، بالإضافة إلى حملة تبرعات ضخمة جمعت مئات الملايين من الدولارات. كما تعهدت السعودية بدعم مباشر في مجال الصحة والتعليم بمبلغ 300 مليون دولار، مما يعبر عن دورها الفاعل في تحويل تأثيرها السياسي إلى دعم مادي يعزز من صمود المدنيين في غزة.
العمل المشترك والدبلوماسية العربية
في المقابل، قامت أبوظبي بتعزيز وجودها الإنساني من خلال عملية “الفارس الشهم 3″، التي وفرت مساعدات هائلة عبر قوافل برية وجوية وبحرية، فضلاً عن عمليات إسقاط جوي بالتعاون مع الأردن. يجسد الجمع بين الاستجابة الفورية والحركة السياسية نهجاً مشتركاً بين الرياض وأبوظبي، كجزء من ديبلوماسية شاملة تهدف إلى تحقيق أهداف إنسانية وسياسية.
تتجلى مواقف السعودية والإمارات من خلال البيانات الرسمية التي تدين تصريحات الاحتلال حول التهجير وتؤكد على ضرورة دعم مصر في مواجهة هذه التهديدات. كما أن الإمارات أكدت رفضها القاسي لأي مسعى لتصفية القضية الفلسطينية، مشيرة إلى أن الممارسات الإسرائيلية تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي.
تعمل كل من الرياض وأبوظبي على استخدام قوتهما الدبلوماسية وعلاقاتهما الواسعة لدفع الولايات المتحدة وأوروبا إلى الضغط على إسرائيل لوقف التهجير وضم الضفة الغربية، في الوقت الذي تسعيان فيه إلى بلورة موقف عربي موحد بالتعاون مع دول مثل مصر والأردن.
باختصار، تجسد هذه الخطوات توجهًا استراتيجيًا يسعى إلى ربط الاستجابة الإنسانية بالقضايا السياسية، مما يمنح الدولتين موقع المبادرة في المشهد الإقليمي. مع اقتراب انعقاد المؤتمر الدولي في نيويورك حول القضية الفلسطينية، يظهر أن التعاون العربي سيكون محورياً في ظل هذه التحديات المتزايدة. إن التحدي الحالي يتطلب أكثر من مجرد بيانات تنديد، بل تحولًا حقيقيًا في الجهود الإنسانية والسياسية لتحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة.
تعليقات