خسوف قمري كلي يشاهد في سماء السعودية: لقطات مدهشة ترصد الظاهرة الفلكية

شهدت سماء المملكة مساء اليوم حدثاً فلكياً مذهلاً، فقد حصل خسوف قمري كلي استثنائي، حيث تحول القمر إلى اللون الأحمر القاتم المعروف علمياً بـ “القمر القرمزي”. تجمع عشاق الفلك والمصورون الفوتوغرافيون لمتابعة هذه الظاهرة النادرة التي لم يتكرر شكلها بهذا الطول والشمول منذ عام 2018. بدأت مراحل الخسوف الجزئي عندما دخل القمر بتدريج في ظل الأرض، ثم تحول إلى خسوف كلي استمر لعدة ساعات، مما أتاح فرصة مميزة لمراقبة الظاهرة بالعين المجردة واستخدام التلسكوبات والكاميرات الفلكية.

خسوف القمر

وأوضح رئيس الجمعية الفلكية بجدة، المهندس ماجد أبو زاهرة، أن اللون الأحمر الذي اكتسبه القمر خلال الخسوف ناتج عن انكسار ضوء الشمس في الغلاف الجوي للأرض، حيث يتم تصفية الأطوال الموجية الزرقاء، مما يترك اللونين الأحمر والبرتقالي ليضيئا سطح القمر. وأضاف أن الخسوف لا يحدث إلا أثناء اكتمال القمر، ولكن ميل مدار القمر بمقدار 5 درجات عن مدار الأرض يعني أن الأرض غالباً لا تحجب ضوء الشمس بالكامل عن القمر، إلا في مناسبات معينة.

وأشار إلى أن خسوف 7 سبتمبر يعتبر من أطول الخسوفات خلال هذا العقد، حيث استمرت المرحلة الكلية لأكثر من ساعة، مما وفر للمراقبين فرصة لتوثيق الصور والفيديوهات المتسلسلة لمراحل الخسوف المختلفة. وقد أضاف بعد علمي مميز لهذا الحدث باستخدام تقنية الاستقطاب الضوئي، حيث تُدرس ظاهرة الضوء المستقطب المنعكس عن سطح القمر بعد عبوره خلال الغلاف الجوي للأرض.

الخسوف القمري

وبيّن أبو زاهرة أن الدراسات الفلكية الحديثة تشير إلى أن الضوء القادم من القمر أثناء الخسوف يُكتسب نسبة استقطاب تتراوح بين 2% و3%، نتيجة التشتت المتعدد لجزيئات الهواء والغبار في الغلاف الجوي. تحمل هذه النسبة معلومات مهمة عن كثافة الغبار والجسيمات الدقيقة والرطوبة في طبقات الغلاف الجوي، مما يمكن من رصد تأثير الظواهر المناخية أو النشاط البركاني على انتقال الضوء. كما توفر هذه التقنية بيانات دقيقة لدراسة الخصائص البصرية لسطح القمر ومقارنة الخسوفات المختلفة.

استفاد المصورون الفلكيون من هذا الحدث لتسجيل صور وفيديوهات عالية الجودة لمراحل الخسوف، باستخدام تلسكوبات مزودة بكاميرات رقمية وتقنيات معالجة فوتوغرافية لتوثيق حركة ظل الأرض على سطح القمر تدريجياً من المرحلة الجزئية إلى الكاملة ثم العودة.

تأتي هذه الظاهرة الفلكية ضمن سلسلة من الأحداث المدهشة التي تشهدها سماء المملكة هذا العام، وتذكّرنا بأهمية متابعة الظواهر الطبيعية لما تقدمه من معارف عميقة حول الكون المحيط بنا. بالإضافة إلى قيمتها العلمية، تشجع هذه الظواهر الفلكية على التأمل في عظمة الخالق وقدرته في خلق هذا الكون البديع، وتحثنا على التفكير في النظام الدقيق الذي يسير به الكون.