“فيتش” تعزز ثقتها بالسعودية: التصنيف الائتماني يبقى مستقراً عند “A+” رغم تحديات النفط

التصنيف الائتماني للسعودية: نظرة إيجابية

أعلنت وكالة “فيتش” للتصنيفات الائتمانية عن إبقاء التصنيف الائتماني للمملكة العربية السعودية عند مستوى “A+” مع نظرة مستقبلية مستقرة. يعكس هذا التصنيف قوة المركز المالي للمملكة في الداخل والخارج، على الرغم من التحديات المستمرة المرتبطة بالاعتماد على النفط وتقلبات الأسواق العالمية. وذكرت الوكالة في تقريرها بتاريخ 25 يوليو 2025، أن الأصول العامة الخارجية للمملكة وانخفاض مستوى الدين السيادي يعكسان دعماً رئيسياً لهذا التصنيف، حيث توقعت الوكالة أن يظل صافي الأصول الأجنبية السيادية عند مستويات قوية تصل إلى 35.3% من الناتج المحلي الإجمالي حتى عام 2027.

الوضع المالي للمملكة: عجز محدود ونمو متواصل

توقعت “فيتش” أن يسجل عجز الحساب الجاري للمملكة نسبة 2.9% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025، نتيجة لتراجع أسعار النفط، التي يتوقع أن يبلغ متوسط سعرها 70 دولارًا للبرميل، فضلاً عن زيادة الواردات المتعلقة بمشاريع الحكومة ضمن برنامج رؤية 2030. ومع ذلك، تعتقد الوكالة أن الفوائض المالية في الحساب المالي ستساعد على تقليل هذه الفجوة. كما توقعت أن يصل العجز المالي إلى 4% من الناتج المحلي في 2025، ثم يرتفع إلى 4.1% في 2026، قبل أن ينخفض مرة أخرى إلى 3.6% بحلول 2027، وذلك بفضل زيادة الإيرادات غير النفطية وزيادة إنتاج النفط.

التوقعات بشأن الدين العام والنمو الاقتصادي

في ما يتعلق بالدين العام، تشير التوقعات إلى ارتفاع نسبته إلى الناتج المحلي تدريجياً لتصل إلى 35.1% بحلول عام 2027، لكن هذه النسبة تظل أدنى بكثير من متوسط الديون في الدول المماثلة الذي يصل إلى 57.3%. يُظهر التقرير أن الحكومة السعودية تولي أهمية لضبط النفقات الرأسمالية وتطبيق الإجراءات الضريبية لتعزيز الإيرادات غير النفطية.

التطورات في برنامج رؤية 2030

أشاد التقرير بالتقدم الملحوظ في برنامج “رؤية 2030″، حيث شهد الناتج المحلي الإجمالي زيادة بنسبة 14% في 2024، مدفوعاً بنمو القطاع الخاص غير النفطي بنسبة 28%، ليشكل 56% من الناتج المحلي. أكدت “فيتش” أن الإصلاحات المؤسسية مثل السماح بتملك الأجانب للأراضي وتطبيق قانون الاستثمار الجديد ستعزز مسار التنويع الاقتصادي، ولكنها نبهت إلى أن الاقتصاد غير النفطي لم يُختبر بشكل كافٍ إذا انخفض الإنفاق الحكومي، مما يمثل نقطة مراقبة هامة.

الاستقرار المصرفي والضغوط القائمة

بالنسبة للقطاع المصرفي، أظهر التقرير مؤشرات استقرار قوية، حيث بلغ معدل كفاية رأس المال في البنوك السعودية 19.3% بنهاية الربع الأول من 2025، في حين كانت نسبة القروض المتعثرة عند أقل مستوى لها منذ عام 2016، حيث بلغت 1.2%. ومع ذلك، حذرت “فيتش” من أن التوسع الائتماني الأسرع مقارنة بنمو الودائع دفع البنوك لزيادة الاقتراض الخارجي لضمان استمرارية السيولة.

التحديات الجيوسياسية والقضايا الاقتصادية

على الرغم من استمرار التوترات الإقليمية، مثل الصراع بين إسرائيل وإيران، أوضحت “فيتش” أن النشاط الاقتصادي في السعودية لم يتأثر بشكل ملحوظ. ومع ذلك، حذرت الوكالة من أن صادرات المملكة النفطية تظل معرضة للخطر نتيجة لأي اضطرابات محتملة في مضيق هرمز، مما يمثل أحد المخاطر الجيوسياسية المستمرة. يُظهر هذا التقرير التزام السعودية بمواصلة الإصلاحات الاقتصادية وتعزيز مرونة اقتصادها، في ظل الحفاظ على استقرار مالي قوي ومستويات منخفضة من الديون السيادية مقارنة بالدول المماثلة.