إسرائيل تحتاج إلى المزيد لتكون قوة إقليمية حقيقية
لا يُظهر بنيامين نتنياهو توافقًا مع رؤية ترامب حول شرق أوسط جديد يتجنب الحروب ويركز على التنمية الاقتصادية. من وجهة نظره، يجب على إيران ووكلائها مواجهة عقوبات مستمرة؛ كما يعتبر سوريا تهديدًا إسلاميًا، ويشير إلى أن حماس لم تُهزم، في حين يلزم مراقبة حزب الله عن كثب. بالإضافة إلى ذلك، يعبّر عن عدم الثقة بتركيا. باختصار، ينظر نتنياهو إلى إسرائيل كقوة إقليمية مسؤولة عن الحفاظ على النظام في منطقة دائمة الاضطراب. هذا يستلزم من الأقل الحفاظ على جيش كبير والموارد البشرية والمالية اللازمة لنشر القوة عندما يُستدعى، بما في ذلك مناطق نائية كإيران.
يتطلب تقييم “السيادة كقوة” النظر في عوامل عدة. تشمل هذه العوامل التقليدية، مثل عدد القوات والدبابات التي بإمكان دولة ما نشرها، لكن في العصر الحديث، غالبًا ما تتفوق الكفاءة التكنولوجية والعمق الاقتصادي، بالإضافة إلى قوة التأثير الناعمة. فلننظر إلى هذه العوامل بشكل منفصل وكيف تتكامل.
الأسلحة والرجال: تُصنف إسرائيل في المرتبة 15 عالميًا في مجال القوة العسكرية، وهو ترتيب مثير للإعجاب بالنظر إلى تفوق الدول الـ 14 الأخرى من حيث العدد المساحي والاقتصادي. في الشرق الأوسط، تحتل إسرائيل المرتبة الثانية بعد تركيا، مع تفوق بسيط على إيران. تدل هذه المعطيات على أن القوة في الحروب الحديثة لا تُقاس بالعدد فقط.
القدرة على التحمل: العدد السكاني لإسرائيل اليوم يقارب 10 ملايين، وازدهر اقتصادها بشكل ملحوظ عن العقود السابقة. ورغم انغماس إسرائيل في الحروب بشكل دوري، إلا أن الاقتصاد لم يتعرض لضرر كبير، لكن يجب الإقرار بأن قدرتها على خوض حروب طويلة ليست بلا حدود. الجيش، خاصة في جانب الاحتياط، يعاني من الإرهاق، ومخزونه من الصواريخ يواجه ضغوطاً.
التكنولوجيا: تعتبر التكنولوجيا أحد أعظم أصول القوة الإسرائيلية. ورغم التحديات التي واجهتها في 7 أكتوبر، أثبتت فعالية تسلحها ضد إيران وحزب الله. ومع ذلك، لا تستطيع إسرائيل مقارعة الدول الكبرى في المجال التكنولوجي من ناحية المال والكمية.
الاقتصاد: يشكل الاقتصاد القوي حجر الزاوية للقدرة على الصمود ومنبعًا لتسليح محلي. رغم أن إسرائيل تتجاوز حجمها من الناحية الاقتصادية، لكن ميزانيتها الدفاعية تنمو بشكل كبير، مما يخلق قلقاً حول الاستدامة.
الاستقلالية العسكرية: تبقى إسرائيل معتمدة على المساعدات العسكرية، لا سيما من الولايات المتحدة، لتلبية احتياجات جيشها ومواجهة تحدياتها. قوة إسرائيل التكنولوجية معروفة، لكن الاعتماد على الواردات يبقى مطروحًا.
القوة الناعمة: تمثل هذه المسألة نقطة ضعف رئيسية لإسرائيل. يحتاج نتنياهو إلى إدراك أن الأصدقاء لا يقتصرون فقط على الموجودين في البيت الأبيض. تتزايد المشاعر المعادية لإسرائيل في الولايات المتحدة وأوروبا، مما يؤثر سلبًا على العلاقات الدولية. وليكون لإسرائيل دور أكبر، يجب أن تعزز مكانتها الثقافية والسياسية عالميًا.
في الختام، رغم القوّة المتزايدة لإسرائيل، إلا أن التحديات العديدة تجعلها صغيرة الحجم بالنسبة لتولي دور الرجل القوي الإقليمي.

تعليقات