د. فهمي الكتوت يكشف النقاب عن تشخيصه: قراءة في الأحداث المحلية العاجلة

التحديات الاقتصادية في الأردن: أزمة هيكلية بحاجة إلى الحلول الفعالة

قال الخبير الاقتصادي الدكتور فهمي الكتوت إن التحديات الاقتصادية التي يواجهها الأردن تتطلب مواجهتها بجدية، مؤكداً على أن الاقتصاد الأردني يعاني من أزمة حقيقية متجذرة، وليس نتيجة لظروف طارئة. وأوضح الكتوت أن هذه الأزمة ناتجة عن نمط تنموي يتمركز حول الاستهلاك ويهمل القطاعات الإنتاجية، مما يسبب الاعتماد الخارجي في توفير السلع والخدمات الأساسية.

وأضاف الكتوت أن مظاهر الاختلال الاقتصادي تتضح من خلال تضخم العجز المالي وزيادة الدين العام، حيث تعتبر الاختلالات الهيكلية سمة تلازم الاقتصاد الأردني. ولفت إلى حجم العجز المزمن في الموازنة العامة والذي من المتوقع أن يصل إلى نحو 3 مليارات دينار عام 2025، والذي يتم تمويله من خلال الاقتراض، مما أدى إلى زيادة الدين العام إلى مستويات قياسية تتجاوز 45 مليار دينار.

كما بيّن الكتوت أن خطط التنمية المتعاقبة، بدءاً من “رؤية الأردن 2025” وصولًا إلى “الرؤية الاقتصادية والتحديث”، لم تحقق نتائج ملموسة على الأرض. فالقطاعات الأساسية مثل الصناعة والزراعة لا تزال تواجه التهميش وتعاني من تكاليف تشغيل عالية بسبب أسعار الطاقة وأجور النقل. وأكد على وجود فجوة في العدالة بين الضرائب المرتفعة التي يتحملها المواطن والخدمات التي يحصل عليها، حيث أن خدمات التعليم والصحة والنقل العام تسجل تراجعًا ملحوظًا، إذ تستمر الجامعات في زيادة الرسوم، ويعاني القطاع الصحي من تدهور، بينما النقل العام يواجه مشكلات هيكلية.

الأزمات الهيكلية والتحديات المستقبلية

وأشار الكتوت إلى أن معدل النمو الاقتصادي في الأردن لم يتجاوز 2.5% منذ عام 2011، مما يشير إلى ضعف في المحركات الاقتصادية. كما أن خطة التحفيز الاقتصادي للسنوات 2018–2022 فشلت في جذب الاستثمارات اللازمة لتنشيط الاقتصاد.

جاءت “الرؤية الاقتصادية 2033” بأهداف طموحة، تتضمن توفير مليون فرصة عمل بحلول عام 2033، لكن تحقيقها يعتمد على نمو اقتصادي يتطلب أكثر من 6% سنويًا وهو ما يبدو بعيد المنال في ظل الظروف الحالية. كما أوضح الكتوت أن تنفيذ هذه الرؤية يحتاج إلى تمويل يتعدى 41 مليار دينار، في ظل بيئة تنظيمية تعاني من البيروقراطية وعدم استقرار التشريع.

وفي ختام حديثه، أكد الكتوت على ضرورة إنهاء التهميش للقوى السياسية والاجتماعية الفاعلة، والاهتمام بتفعيل دور الأحزاب التي تحمل برامج وطنية بدلاً من تركيز الجهود على إنفاق يتزايد بفعل تعدد الرواتب التقاعدية للنافذين، وزيادة عدد الوزارات. هذه التحديات تجعل من الصعب تحقيق أي رؤية تنموية فعالة في الأردن.