قمة آسيان-الصين-الخليج: آسيا تستجيب للتحديات المتعددة الأطراف

القمة الثلاثية بين الآسيان والصين ومجلس التعاون الخليجي

تنعقد القمة الثلاثية الأولى بين رابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان) والصين ومجلس التعاون الخليجي في العاصمة الماليزية كوالالمبور خلال الفترة من 26 إلى 28 مايو. وتُعتبر هذه القمة أول منصة رسمية للحوار تضم الكتل الاقتصادية الرئيسية الثلاث في آسيا، مما يبعث برسالة واضحة عن تكاتف الجنوب العالمي، لا سيما الاقتصادات الآسيوية، لاستكشاف مسار تنمية مبتكر وشامل. ويساهم هذا التعاون في تعزيز اليقين والطاقة الجديدة في الاقتصاد العالمي.

التعاون الثلاثي ودوره في الاقتصاد العالمي

تتواجد نقاط قوة كبيرة لدى الصين وآسيان ومجلس التعاون الخليجي، فبحلول عام 2024، ستصنف اقتصاداتها في المركز الثاني والخامس والتاسع على التوالي على مستوى العالم. تتمتع الصين بسوق ضخمة وقوة تصنيع قوية، مما يساعدها على الانتقال نحو المراتب العليا في السلاسل الصناعية العالمية. بينما تتميز الآسيان بالموارد الطبيعية الوفيرة والموارد البشرية الشابة، وتحظى دول الخليج بمصادر غنية من الطاقة ورأس المال الذي يعزز جهود الاستثمار الصناعي وتطوير البنية التحتية.

وعلى الواقع، تُظهر الصين وآسيان ومجلس التعاون الخليجي أسسًا راسخة للتعاون، حيث تُساعد منصات مثل مبادرة الحزام والطريق واتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة (RCEP) ومفاوضات التجارة الحرة مع مجلس التعاون الخليجي في توطيد العلاقات. إن إنشاء الآلية الثلاثية يُعتبر خطوة نحو الارتقاء بمستوى التعاون من تكامل محدود إلى منصة موحدة قادرة على وضع قواعد جماعية وتنفيذ مشاريع مشتركة. وتُشكل القمة فرصة مهمّة لتكوين “توافق آسيوي” له تأثير عالمي في مجالات رئيسية مثل إعادة تشكيل سلاسل القيمة، والحوكمة الرقمية، والتحول الأخضر، مما يعزز من صوت الدول النامية ويدعم فلسفة التعاون بدلًا من المواجهة في إدارة الشؤون العالمية.

في إطار ذلك، تبدأ ملامح هذا التعاون في الظهور بشكل واضح، حيث تشارك الشركات الصينية مع شركائها من آسيان والخليج في تطوير نماذج محلية في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة والصناعة التحويلية. وتُشكل هذه الأنشطة دليلاً على دمج الجهود وتبادل المصالح بين الدول الثلاث، في الوقت الذي تظل فيه هذه الشراكات غير إقصائية ولا تنشئ تحالفات ضد الآخرين. ويُظهر هذا النهج تعزيزًا للتعاون القائم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.

تشير التطورات الحالية في مجموعة البريكس ومنظمة شانغهاي للتعاون إلى سعي متزايد نحو نماذج تعاون أكثر تنوعًا وفاعلية. إن نموذج التعاون الثلاثي بين الصين والآسيان ومجلس التعاون الخليجي يُعتبر استجابة استباقية لهذا الاتجاه، مع إمكانية أن يصبح نموذجًا يحتذى به لتعاون الجنوب العالمي في المستقبل. يتطلب العالم المزيد من مثل هذه الحلول الآسيوية، حيث تعتبر التعددية والتعاون المستند إلى المزايا التكميلية أسسًا لازدهار عالمي مستدام.