يعكس آخر ظهور للقارئ الشيخ سيد سعيد، المعروف بسلطان القراء، جانباً إنسانياً عميقاً من حياته أثناء فترة مرضه. في ذلك الحوار الذي أجراه معه قبل سنوات قليلة، كشف عن تجربته الصحية الشاقة، حيث تعرض لوعكة أثرت عليه لأكثر من ست سنوات، واضطر للخضوع لغسيل كلى لمدة أربع سنوات. رغم ذلك، أعرب عن دهشته البالغة عندما علم أن الرئيس قد تولى رعايته الشخصية، مما جعله يشعر بالامتنان الشديد، معتبراً أن القائد يفكر في أمثاله من أصحاب القرآن الكريم وسط ضغوط الحياة اليومية لملايين المواطنين.
آخر ظهور للشيخ سيد سعيد خلال مرضه
في تلك اللحظة، كان الشيخ سيد سعيد يتلقى العلاج داخل معهد ناصر، حيث وصف كيف أصبحت الرعاية الطبية شاملة ومتناهية التفاصيل. أكد أن موظفي المعهد، من الأطباء والممرضين، لم يتركوا أي احتياج دون توفيره، مما زاد من سعادته وأعطاه شعوراً بالأمان. وجه الشيخ رسالة مؤثرة إلى الرئيس، قائلاً إن الله معه وينصره، مستنداً إلى الآية الكريمة التي تؤكد أن نصر الله يتبع الإخلاص والجهد. هذه الكلمات لم تكن مجرد شكر، بل تعبيراً عن إيمانه الراسخ بأن القيادة الحكيمة تتجاوز الظروف الشخصية لتساند أصحاب العطاء في مجال القرآن.
إطلالة سلطان القراء على حياته وإرثه
دخل الشيخ سيد سعيد في تفاصيل أكثر عن أصول شهرته العالمية، التي بدأت من خلال لجنة استماع للقراء برئاسة الشيخ محمود حافظ. حينها، سجل سورة يوسف بأسلوبه الخاص، الذي ثبت أنه خالي من الأخطاء، ليصبح ذلك الشريط سبباً في انتشار اسمه محلياً ودولياً. تحدث أيضاً عن مسيرته المهنية، حيث كان أول أجر له في الخمسينيات يبلغ 25 قرشاً، ثم ارتفع إلى 50 قرش، لكنه لم يكن يركز على المال أبدًا. سافر لتلاوة القرآن في دول متعددة، مثل الإمارات لمدة 11 عاماً متتالية، بالإضافة إلى لبنان وإيران والسعودية وجنوب أفريقيا وعمان وباكستان، مما جعله رمزاً عالمياً للقراءة القرآنية.
أكد الشيخ أنه لم يشترط أجراً محدداً في حياته، على عكس بعض قراء العصر الحالي الذين يركزون على النغمة أكثر من الروح الدينية. توقف عن التلاوة منذ أربع سنوات بسبب مرضه، الذي جعل التنفس صعباً عليه، لكنه حاول العودة دون جدوى. يعود تاريخه إلى حفظ القرآن في سن السابعة، ومنذ البداية لم يكن يطلب مكافأة، بل كانت تلاوته لوجه الله تعالى. في رسالته إلى الشباب، حثهم على التقوى والابتعاد عن الأهواء، قائلاً إن الإخلاص هو الطريق الحقيقي للنجاح.
هذا الحوار يظهر كيف بقي الشيخ سيد سعيد مصدر إلهام رغم المصاعب، مبرزاً قيمة الإيمان والشكر في مواجهة التحديات. إرثه يستمر في تذكيرنا بأهمية القرآن في الحياة اليومية، حيث ساهم في نشر السلام والتسامح من خلال صوته الجميل، الذي لم ينطفئ حتى في أيامه الأخيرة. كما أن قصصه عن السفر والتجارب تعكس كيف يمكن للفن الديني أن يتجاوز الحدود ويوحي بجيل جديد من القراء يتبعون النهج الأصيل.
تعليقات